الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم

                                                                                                                                                                                                        681 حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يوذنه بالصلاة فقال مروا أبا بكر أن يصلي بالناس فقلت يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى ما يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس فقلت لحفصة قولي له إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر قال إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر أن يصلي بالناس فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة فقام يهادى بين رجلين ورجلاه يخطان في الأرض حتى دخل المسجد فلما سمع أبو بكر حسه ذهب أبو بكر يتأخر فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان أبو بكر يصلي قائما وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس مقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم ) قال ابن بطال : هذا موافق لقول مسروق والشعبي : إن الصفوف يؤم بعضها بعضا خلافا للجمهور . قلت : وليس المراد أنهم يأتمون بهم في التبليغ فقط كما فهمه بعضهم بل الخلاف معنوي ؛ لأن الشعبي قال فيمن أحرم قبل أن يرفع الصف الذي يليه رءوسهم من الركعة : إنه أدركها ولو كان الإمام رفع قبل ذلك ؛ لأن بعضهم لبعض أئمة . انتهى .

                                                                                                                                                                                                        فهذا يدل على أنه يرى أنهم يتحملون عن بعضهم بعض ما يتحمله الإمام ، وأثر الشعبي الأول وصله عبد الرزاق ، والثاني وصله ابن أبي شيبة ، ولم يفصح البخاري باختياره في هذه المسألة ؛ لأنه بدأ بالترجمة الدالة على أن المراد بقوله " ويأتم الناس بأبي بكر " أي : أنه في مقام المبلغ ، ثم ثنى بهذه الرواية التي أطلق فيها اقتداء الناس بأبي بكر ، ورشح ظاهرها بظاهر الحديث المعلق ، فيحتمل أن يكون يذهب إلى قول الشعبي ويرى أن قوله في الرواية الأولى " يسمع الناس التكبير " لا ينفي كونهم يأتمون به ؛ لأن إسماعه لهم التكبير جزء من أجزاء ما يأتمون به فيه ، وليس فيه نفي لغيره . ويؤيد ذلك رواية الإسماعيلي من طريق عبد الله بن داود المذكور ووكيع جميعا عن الأعمش بهذا الإسناد قال فيه " والناس يأتمون بأبي بكر وأبو بكر يسمعهم " .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 240 ] قوله : ( ويذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) هذا طرف من حديث أبي سعيد الخدري قال رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه تأخرا فقال : تقدموا وائتموا بي وليأتم بكم من بعدكمالحديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن من رواية أبي نضرة عنه . قيل : وإنما ذكره البخاري بصيغة التمريض ؛ لأن أبا نضرة ليس على شرطه لضعف فيه ، وهذا عندي ليس بصواب ؛ لأنه لا يلزم من كونه على غير شرطه أنه لا يصلح عنده للاحتجاج به ، بل قد يكون صالحا للاحتجاج به عنده وليس هو على شرط صحيحه الذي هو أعلى شروط الصحة . والحق أن هذه الصيغة لا تختص بالضعيف بل قد تستعمل في الصحيح أيضا . بخلاف صيغة الجزم فإنها لا تستعمل إلا في الصحيح ، وظاهره يدل لمذهب الشعبي . وأجاب النووي بأن معنى وليأتم بكم من بعدكم أي : يقتدي بكم من خلفكم مستدلين على أفعالي بأفعالكم ، قال : وفيه جواز اعتماد المأموم في متابعة الإمام الذي لا يراه ولا يسمعه على مبلغ عنه أو صف قدامه يراه متابعا للإمام ، وقيل : معناه تعلموا مني أحكام الشريعة وليتعلم منكم التابعون بعدكم وكذلك أتباعهم إلى انقراض الدنيا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مروا أبا بكر يصلي ) كذا فيه بإثبات الياء ، وقد تقدم توجيه ابن مالك له . ووقع في رواية الكشميهني " أن يصلي " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( متى يقوم ) كذا وقع للأكثر في الموضعين بإثبات الواو ، ووجهه ابن مالك بأنه شبه متى بإذا فلم تجزم ، كما شبه إذا بمتى في قوله إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين فحذف النون . ووقع في رواية الكشميهني " متى ما يقم " ولا إشكال فيها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تخطان الأرض ) في رواية الكشميهني " يخطان في الأرض " . وقد تقدمت بقية مباحث الحديث في " باب حد المريض " وقوله في السند " الأعمش عن إبراهيم عن الأسود " كذا للجميع وهو الصواب ، وسقط إبراهيم بين الأعمش والأسود من رواية أبي المروزي وهو وهم قاله الجياني .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية