الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6882 حدثنا إسماعيل حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أخبرني حميد قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يخطب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم ويعطي الله ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله ( حدثنا إسماعيل ) هو ابن أبي أويس " وابن وهب " هو عبد الله و " يونس " هو ابن يزيد و " حميد " هو ابن عبد الرحمن بن عوف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : سمعت معاوية بن أبي سفيان يخطب ) في رواية عمير بن هانئ " سمعت معاوية على المنبر يقول " وقد مضى في علامات النبوة ، ويأتي في التوحيد وفي رواية يزيد بن الأصم " سمعت معاوية " وذكر حديثا ولم أسمعه " روى عن النبي صلى الله عليه وسلم على منبره حديثا غيره " أخرجه مسلم .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 308 ] قوله : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) تقدم شرح هذا في " كتاب العلم " وقوله وإنما أنا قاسم ويعطي الله تقدم في العلم بلفظ والله المعطي وفي فرض الخمس من وجه آخر والله المعطي وأنا القاسم وتقدم شرحه هناك أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله ) في رواية عمير بن هانئ لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله وتقدم بعد بابين من باب علامات النبوة من هذا الوجه بلفظ لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك وزاد قال عمير فقال مالك بن يخامر قال معاذ : وهم بالشام " وفي رواية يزيد بن الأصم " ولا تزال عصابة من المسلمين ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة . قال صاحب المشارق في قوله " لا يزال أهل الغرب " يعني الرواية التي في بعض طرق مسلم وهي بفتح الغين المعجمة وسكون الراء ، ذكر يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني قال : المراد بالغرب ، الدلو أي العرب بفتح المهملتين لأنهم أصحابها لا يستقي بها أحد غيرهم لكن في حديث معاذ وهم أهل الشام فالظاهر أن المراد بالغرب البلد لأن الشام غربي الحجاز كذا قال : ليس بواضح ، ووقع في بعض طرق الحديث " المغرب " بفتح الميم وسكون المعجمة وهذا يرد تأويل الغرب بالعرب ، لكن يحتمل أن يكون بعض رواته نقله بالمعنى الذي فهمه أن المراد الإقليم لا صفة بعض أهله ، وقيل المراد بالغرب أهل القوة والاجتهاد في الجهاد ، يقال في لسانه غرب بفتح ثم سكون أي حدة ، ووقع في حديث أبي أمامة عند أحمد أنهم ببيت المقدس ، وأضاف بيت إلى المقدس ، وللطبراني من حديث النهدي نحوه ، وفي حديث أبي هريرة في الأوسط للطبراني يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها ، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله ، لا يضرهم من خذلهم ظاهرين إلى يوم القيامة . قلت : ويمكن الجمع بين الأخبار بأن المراد قوم يكونون ببيت المقدس ، وهي شامية ويسقون بالدلو ، وتكون لهم قوة في جهاد العدو وحدة وجد .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه )

                                                                                                                                                                                                        اتفق الشراح على أن معنى قوله " على من خالفهم " أن المراد علوهم عليهم بالغلبة وأبعد من أبدع فرد على من جعل ذلك منقبة لأهل الغرب أنه مذمة لأن المراد بقوله " ظاهرين على الحق " أنهم غالبون له وأن الحق بين أيديهم كالميت ، وأن المراد بالحديث ذم الغرب وأهله لا مدحهم ، قال النووي فيه أن الإجماع حجة ، ثم قال يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين . ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد ، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد ، بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الأرض ، ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد وأن يكونوا في بعض منه دون بعض ، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولا فأولا إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله ، انتهى ملخصا مع زيادة فيه ، ونظير ما نبه عليه ما حمل عليه بعض الأئمة حديث : إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها أنه لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة وهو متجه ، فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير ، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد ، إلا أن يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز ، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها ; ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه ، وأما من جاء بعده فالشافعي وإن كان متصفا بالصفات الجميلة ، إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل ، فعلى هذا كل من كان متصفا بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد سواء تعدد أم لا




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية