الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        922 حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال حدثنا زبيد قال سمعت الشعبي عن البراء بن عازب قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إن أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ومن نحر قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء فقال رجل من الأنصار يقال له أبو بردة بن نيار يا رسول الله ذبحت وعندي جذعة خير من مسنة فقال اجعله مكانه ولن توفي أو تجزي عن أحد بعدك

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        أما حديث البراء فظاهره يخالف الترجمة ، لأن قوله " أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر " مشعر بأن هذا الكلام وقع قبل إيقاع الصلاة فيستلزم تقديم الخطبة على الصلاة بناء على أن هذا الكلام من الخطبة ، ولأنه عقب الصلاة بالنحر ، والجواب أن المراد أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى العيد ثم خطب فقال هذا الكلام ، وأراد بقوله " إن أول ما نبدأ به " أي في يوم العيد تقديم الصلاة في أي عيد كان . والتعقيب بثم لا يستلزم عدم تخلل أمر آخر بين الأمرين . قال ابن بطال : غلط النسائي فترجم بحديث البراء فقال " باب الخطبة قبل الصلاة " قال : وخفى عليه أن العرب قد تضع الفعل المستقبل مكان الماضي ، وكأنه قال عليه الصلاة والسلام : أول ما يكون به الابتداء في هذا اليوم الصلاة التي قدمنا فعلها . قال : وهو مثل قوله تعالى : وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا أي الإيمان المتقدم منهم اهـ . والمعتمد في صحة ما تأولناه رواية محمد بن طلحة عن زبيد الآتية بعد ثمانية أبواب في هذا الحديث بعينه بلفظ خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أضحى إلى البقيع فصلى ركعتين ، ثم أقبل علينا بوجهه وقال : إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ثم نرجع فننحر الحديث ، فتبين أن ذلك الكلام وقع منه بعد الصلاة . وقال الكرماني : [ ص: 527 ] المستفاد من حديث البراء أن الخطبة مقدمة على الصلاة ، ثم قال في موضع آخر : فإن قلت فما دلالته على الترجمة ؟ قلت : لو قدم الخطبة على الصلاة لم تكن الصلاة أول ما بدئ به ، ولا يلزم من كون هذا الكلام وقع قبل الصلاة أن تكون الخطبة وقعت قبلها اهـ . وحاصله أنه يجعل الكلام المذكور سابقا على الصلاة ، ويمنع كونه من الخطبة . لكن قد بينت رواية محمد بن طلحة عن زبيد المذكورة أن الصلاة لم يتقدمها شيء ، لأنه عقب الخروج إليها بالفاء . وصرح منصور في روايته عن الشعبي في هذا الحديث بأن الكلام المذكور وقع في الخطبة ، ولفظه " عن البراء بن عازب قال : خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأضحى بعد الصلاة فقال " فذكر الحديث . وقد تقدم قبل بابين ويأتي أيضا في أواخر العيد ، فيتعين التأويل الذي قدمناه . والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية