الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز

                                                                                                                                                                                                        2265 حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهري قال حدثني ابن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخبره أن أباه قتل يوم أحد شهيدا وعليه دين فاشتد الغرماء في حقوقهم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم أن يقبلوا تمر حائطي ويحللوا أبي فأبوا فلم يعطهم النبي صلى الله عليه وسلم حائطي وقال سنغدو عليك فغدا علينا حين أصبح فطاف في النخل ودعا في ثمرها بالبركة فجددتها فقضيتهم وبقي لنا من تمرها [ ص: 73 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 73 ] قوله : ( باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز ) قال ابن بطال : هكذا وقعت هذه الترجمة في النسخ كلها ، والصواب " وحلله " بإسقاط الألف . قلت : رأيته في رواية أبي علي بن شبويه عن الفربري بالواو وكذا في رواية النسفي عن البخاري وفي مستخرج الإسماعيلي ، لكن بقية الروايات بلفظ " أو " قال ابن بطال لأنه يجوز أن يقضي دون الحق بغير محاللة ، ولو حلله من جميع الدين جاز عند جميع العلماء فكذلك إذا حلله من بعضه ا هـ . ووجهه ابن المنير بأن المراد إذا قضى دون حقه برضا صاحب الدين ، أو حلله صاحب الدين من جميع حقه فهو جائز .

                                                                                                                                                                                                        ثم أورد فيه حديث جابر في دين أبيه ، وفيه " فسألتهم أن يقبلوا تمر حائطي ويحللوا أبي " وهذا القدر هو المراد في هذه الترجمة . فسيأتي في الباب الذي يليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل غريمه في ذلك ، وسيأتي من هذه الطريق أتم مما هـنا في كتاب الهبة ، ويأتي الكلام عليه مستوفى في " علامات النبوة " إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله في هذه الرواية " عن ابن كعب بن مالك " ذكر أبو مسعود وخلف في " الأطراف " وتبعهما الحميدي أنه عبد الرحمن ، وذكر المزي أنه عبد الله واستدل بأن ابن وهب روى الحديث عن يونس بالسند الذي في هذا الباب فسماه عبد الله . قلت والرواية بذلك عند الإسماعيلي إلا أنه قال فيه " إن جابرا قتل أبوه " وصورته مرسل ، فإنه لم يقل إن جابرا أخبره ولا حدثه ، ولكن هذا القدر كاف في كونه عبد الله لا عبد الرحمن ، نعم روى الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عن جابر قصة شهداء أحد كما مضى في الجنائز ، وذلك هو الحامل لهم على تفسيره هنا به ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية