الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        غسل الرجل مع امرأته

                                                                                                                                                                                                        247 حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من قدح يقال له الفرق

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب غسل الرجل مع امرأته . عن عروة ) أي ابن الزبير كذا رواه أكثر أصحاب الزهري وخالفهم إبراهيم بن سعد فرواه عنه عن القاسم بن محمد أخرجه النسائي ورجح أبو زرعة الأول . ويحتمل أن يكون للزهري شيخان فإن الحديث محفوظ عن عروة والقاسم من طرق أخرى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أنا والنبي ) يحتمل أن يكون مفعولا معه ويحتمل أن يكون عطفا على الضمير وهو من باب تغليب المتكلم على الغائب لكونها هي السبب في الاغتسال فكأنها أصل في الباب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من إناء واحد من قدح ) من الأولى : ابتدائية والثانية : بيانية ويحتمل أن يكون قدح بدلا من إناء بتكرار حرف الجر وقال ابن التين : كان هذا الإناء من شبه وهو بفتح المعجمة والموحدة كما تقدم توضيحه في صفة الوضوء من حديث عبد الله بن زيد وكأن مستنده ما رواه الحاكم من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه ولفظه " تور من شبه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يقال له الفرق ) ولمالك عن الزهري : هو الفرق وزاد في روايته " من الجنابة " أي بسبب الجنابة ولأبي داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب " وذلك القدح يومئذ يدعى الفرق " قال ابن التين : الفرق بتسكين الراء ورويناه بفتحها وجوز بعضهم الأمرين ، وقال القتيبي وغيره هو بالفتح وقال النووي الفتح أفصح وأشهر ، وزعم أبو الوليد الباجي أنه الصواب قال : وليس كما قال بل هما لغتان . قلت : لعل مستند الباجي ما حكاه الأزهري عن ثعلب وغيره : الفرق بالفتح والمحدثون يسكنونه ، وكلام العرب بالفتح . انتهى . وقد حكى الإسكان أبو زيد وابن دريد وغيرهما من أهل اللغة والذي في روايتنا هو الفتح والله أعلم . وحكى ابن الأثير أن الفرق بالفتح ستة عشر رطلا وبالإسكان مائة وعشرون رطلا وهو غريب . وأما مقداره فعند مسلم في آخر رواية ابن عيينة عن الزهري في هذا الحديث قال سفيان يعني ابن عيينة : الفرق ثلاثة آصع قال النووي : وكذا قال الجماهير وقيل الفرق صاعان لكن نقل أبو عبيد الاتفاق على أن الفرق ثلاثة آصع وعلى أن الفرق ستة عشر رطلا ولعله يريد اتفاق أهل اللغة وإلا فقد قال بعض الفقهاء من الحنفية وغيرهم : إن الصاع ثمانية أرطال وتمسكوا بما روي عن مجاهد في الحديث الآتي عن عائشة أنه [ ص: 434 ] حزر الإناء ثمانية أرطال والصحيح الأول فإن الحزر لا يعارض به التحديد . وأيضا فلم صرح مجاهد بأن الإناء المذكور صاع فيحمل على اختلاف الأواني مع تقاربها ويؤيد كون الفرق ثلاثة آصع ما رواه ابن حبان من طريق عطاء عن عائشة بلفظ " قدر ستة أقساط " والقسط بكسر القاف وهو باتفاق أهل اللغة نصف صاع والاختلاف بينهم أن الفرق ستة عشر رطلا فصح أن الصاع خمسة أرطال وثلث وتوسط بعض الشافعية فقال الصاع الذي لماء الغسل ثمانية أرطال والذي لزكاة الفطر وغيرها خمسة أرطال وثلث وهو ضعيف .

                                                                                                                                                                                                        ومباحث المتن تقدمت في باب وضوء الرجل مع امرأته واستدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته فقال سألت عطاء فقال سألت عائشة فذكرت هذا الحديث بمعناه وهو نص في المسألة . والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية