الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2538 حدثنا محمد بن عبد الرحيم أخبرنا سعيد بن سليمان حدثنا مروان بن شجاع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير قال سألني يهودي من أهل الحيرة أي الأجلين قضى موسى قلت لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله فقدمت فسألت ابن عباس فقال قضى أكثرهما وأطيبهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فعل

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن سالم الأفطس ) هو ابن عجلان الجزري ، شامي ثقة ، ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الطب ، وكذا الراوي عنه مروان بن شجاع ، وقد تابع سالما على روايته لهذا الحديث حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير ، وتابع سعيدا عكرمة عن ابن عباس ، ورواه أيضا أبو ذر وأبو هريرة وعتبة بن النذر بضم النون وتشديد الذال المعجمة المفتوحة بعدها راء ، وجابر وأبو سعيد ، ورفعوه كلهم ، وجميعها عند ابن مردويه في التفسير ، وحديث عتبة وأبي ذر عند البزار أيضا ، وحديث جابر عند الطبراني في الأوسط ، ورواية عكرمة في مسند الحميدي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سألني يهودي ) لم أقف على اسمه ، والحيرة بكسر المهملة بعدها تحتانية ساكنة بلد معروف بالعراق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أي الأجلين ) أي المشار إليهما في قوله تعالى : ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حبر العرب ) بفتح المهملة وبكسرها ورجحه أبو عبيد ، ورجح ابن قتيبة الفتح وسكون الموحدة ، والمراد به العالم الماهر ، وإنما عبر به سعيد لكونها مستعملة عند الذي خاطبه ، وقد أخرج أبو نعيم من حديث ابن عباس مرفوعا أن جبريل سماه بذلك ، ومراده بالقدوم على ابن عباس أي بمكة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قضى أكثرهما وأطيبهما ) كذا رواه سعيد بن جبير موقوفا ، وهو في حكم المرفوع لأن ابن عباس كان لا يعتمد على أهل الكتاب كما سيأتي بيانه في الباب الذي يليه . وذكر ابن دريد في " المنثور " أن [ ص: 344 ] عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما غزا المغرب أرسل إلى ابن عباس جريجا فكلمه فقال : ما ينبغي لهذا إلا أن يكون حبر العرب ، وقد صرح برفعه عكرمة عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل جبريل : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : أتمهما وأكملهما " أخرجه الحاكم ، وفي حديث جابر " أوفاهما " أخرجه الطبراني في الأوسط ، وفي حديث أبي سعيد " أتمهما وأطيبهما عشر سنين " والمراد بالأطيب أي في نفس شعيب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال فعل ) المراد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اتصف بذلك ولم يرد شخصا بعينه . وفي رواية حكيم بن جبير " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وعد لم يخلف " زاد الإسماعيلي من الطريق التي أخرجها البخاري " قال سعيد : فلقيني اليهودي فأعلمته بذلك ، فقال : صاحبك والله عالم " والغرض من ذكر هذا الحديث في هذا الباب بيان توكيد الوفاء بالوعد ، لأن موسى - صلى الله عليه وسلم - لم يجزم بوفاء العشر ، ومع ذلك فوفاها فكيف لو جزم . قال ابن الجوزي : لما رأى موسى - عليه السلام - طمع شعيب - عليه السلام - متعلقا بالزيادة لم يقتض كريم أخلاقه أن يخيب ظنه فيه .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية