الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم

                                                                                                                                                                                                        2910 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة عن جده رافع قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة فأصاب الناس جوع وأصبنا إبلا وغنما وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس فعجلوا فنصبوا القدور فأمر بالقدور فأكفئت ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير فند منها بعير وفي القوم خيل يسيرة فطلبوه فأعياهم فأهوى إليه رجل بسهم فحبسه الله فقال هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش فما ند عليكم فاصنعوا به هكذا فقال جدي إنا نرجو أو نخاف أن نلقى العدو غدا وليس معنا مدى أفنذبح بالقصب فقال ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة [ ص: 218 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 218 ] قوله : ( باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم ) ذكر فيه حديث رافع بن خديج في ذبحهم الإبل التي أصابوها لأجل الجوع ونصبهم ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور .

                                                                                                                                                                                                        وفيه قصة البعير الذي ند ، وفيه السؤال عن الذبح بالقصب ، وسيأتي الكلام على شرحه مستوفى في كتاب الذبائح ، وقد مضى في الشركة وغيرها ، وموضع الترجمة منه أمره صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور فإنه مشعر بكراهة ما صنعوا من الذبح بغير إذن . وقال المهلب : إنما أكفأ القدور ليعلم أن الغنيمة إنما يستحقونها بعد قسمته لها ، وذلك أن القصة وقعت في دار الإسلام لقوله فيها ( بذي الحليفة ) وأجاب ابن المنير بأنه قد قيل إن الذبح إذا كان على طريق التعدي كان المذبوح ميتة ، وكأن البخاري انتصر لهذا المذهب ، أو حمل الإكفاء على العقوبة بالمال وإن كان ذلك المال لا يختص بأولئك الذين ذبحوا ، لكن لما تعلق به طمعهم كانت النكاية حاصلة لهم . قال : وإذا جوزنا هذا النوع من العقوبة فعقوبة صاحب المال في ماله أولى ، ومن ثم قال مالك : يراق اللبن المغشوش ولا يترك لصاحبه وإن زعم أنه ينتفع به بغير البيع أدبا له ، انتهى .

                                                                                                                                                                                                        وقال القرطبي : المأمور بإكفائه إنما هو المرق عقوبة للذين تعجلوا ، وأما نفس اللحم فلم يتلف بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغانم لأن النهي عن إضاعة المال تقدم ، والجناية بطبخه لم تقع من الجميع إذ من جملتهم أصحاب الخمس ، ومن الغانمين من لم يباشر ذلك ، وإذا لم ينقل أنهم أحرقوه وأتلفوه تعين تأويله على وفق القواعد الشرعية ، ولهذا قال في الحمر الأهلية لما أمر بإراقتها " أنها رجس " ولم يقل ذلك في هذه القصة ، فدل على أن لحومها لم تترك بخلاف تلك والله أعلم . وسيأتي بيان ما أبيح للغازي من الأكل من المغانم ما داموا في بلاد العدو في ( باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب ) في أواخر فرض الخمس .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية