الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3672 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثنا ابن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر عنده عمه فقال لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا ابن أبي حازم والدراوردي عن يزيد بهذا وقال تغلي منه أم دماغه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثني ابن الهاد ) هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، وهو المراد بقوله في الرواية الثانية " عن يزيد بهذا " أي الإسناد والمتن إلا ما نبه عليه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عبد الله بن خباب ) أي المدني الأنصاري مولاهم ، وكان من ثقات المدنيين ، ولم أر له رواية عن غير أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وروى عنه جماعة من التابعين من أقرانه ومن بعده .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وذكر عنده عمه ) زاد في رواية أخرى عن ابن الهاد الآتية في الرقاق " أبو طالب " ويؤخذ من الحديث الأول أن الذاكر هو العباس بن عبد المطلب لأنه الذي سأل عن ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يبلغ كعبيه ) قال السهيلي : الحكمة فيه أن أبا طالب كان تابعا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجملته ، إلا أنه استمر ثابت القدم على دين قومه ، فسلط العذاب على قدميه خاصة لتثبيته إياهما على دين قومه ، كذا قال ، ولا يخلو عن نظر .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 236 ] قوله : ( يغلي منه دماغه ) وفي الرواية التي تليها " يغلي منه أم دماغه " قال الداودي : المراد أم رأسه ، وأطلق على الرأس الدماغ من تسمية الشيء بما يقاربه ويجاوره . ووقع في رواية ابن إسحاق " يغلي منه دماغه حتى يسيل على قدمه " وفي الحديث جواز زيارة القريب المشرك وعيادته ، وأن التوبة مقبولة ولو في شدة مرض الموت ، حتى يصل إلى المعاينة فلا يقبل ; لقوله تعالى فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ، وأن الكافر إذا شهد شهادة الحق نجا من العذاب ؛ لأن الإسلام يجب ما قبله ، وأن عذاب الكفار متفاوت ، والنفع الذي حصل لأبي طالب من خصائصه ببركة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما عرض النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه أن يقول : لا إله إلا الله ولم يقل فيها محمد رسول الله لأن الكلمتين صارتا كالكلمة الواحدة ، ويحتمل أن يكون أبو طالب كان يتحقق أنه رسول الله ولكن لا يقر بتوحيد الله ، ولهذا قال في الأبيات النونية :


                                                                                                                                                                                                        ودعوتني وعلمت أنك صادق ولقد صدقت وكنت قبل أمينا



                                                                                                                                                                                                        فاقتصر على أمره بقول لا إله إلا الله ، فإذا أقر بالتوحيد لم يتوقف على الشهادة بالرسالة .

                                                                                                                                                                                                        ( تكملة ) : من عجائب الاتفاق أن الذين أدركهم الإسلام من أعمام النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة : لم يسلم منهم اثنان ، وأسلم اثنان ، وكان اسم من لم يسلم ينافي أسامي المسلمين ، وهما أبو طالب واسمه عبد مناف وأبو لهب واسمه عبد العزى ، بخلاف من أسلم وهما حمزة والعباس .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية