الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3756 حدثنا أحمد بن محمد حدثنا عبد الله أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للزبير يوم اليرموك ألا تشد فنشد معك فقال إني إن شددت كذبتم فقالوا لا نفعل فحمل عليهم حتى شق صفوفهم فجاوزهم وما معه أحد ثم رجع مقبلا فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يومبدر قال عروة كنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير قال عروة وكان معه عبد الله بن الزبير يومئذ وهو ابن عشر سنين فحمله على فرس ووكل به رجلا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        وقوله في الرواية [ ص: 350 ] الثانية : " ألا تشد " بضم المعجمة أي تحمل على المشركين ، وقوله : " كذبتم " أي اختلفتم ، وقوله : " فجاوزهم وما معه أحد " أي من الذين قالوا له : ألا تشد فنشد معك . وقوله : " فأخذوا " أي الروم " بلجامه " أي بلجام فرسه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكان معه عبد الله بن الزبير يومئذ وهو ابن عشر سنين ) هو بحسب إلغاء الكسر ، وإلا سنه حينئذ كان على الصحيح اثنتي عشرة سنة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ووكل به رجلا ) لم أقف على اسمه وكأن الزبير آنس من ولده عبد الله شجاعة وفروسية فأركبه الفرس وخشي عليه أن يهجم بتلك الفرس على ما لا يطيقه فجعل معه رجلا ليأمن عليه من كيد العدو إذا اشتغل هو عنه بالقتال ، وروى ابن المبارك في الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أنه كان مع أبيه يوم اليرموك ، فلما انهزم المشركون حمل فجعل يجهز على جرحاهم ، وقوله : " يجهز " بضم أوله وبجيم وزاي أي يكمل قتل من وجده مجروحا ، وهذا مما يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره .

                                                                                                                                                                                                        قوله في الرواية الأولى : ( قال عروة : وقال لي عبد الملك إلخ ) هو موصول بالإسناد المذكور ، وكان عروة مع أخيه عبد الله بن الزبير لما حاصره الحجاج بمكة ، فلما قتل عبد الله أخذ الحجاج ما وجده له فأرسل به إلى عبد الملك ، فكان من ذلك سيف الزبير الذي سأل عبد الملك عروة عنه ، وخرج عروة إلى عبد الملك بن مروان بالشام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فلة ) بفتح الفاء ( فلها ) بضم الفاء ، أي كسرت قطعة من حده .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال : صدقت ،

                                                                                                                                                                                                        بهن فلول من قراع الكتائب

                                                                                                                                                                                                        ) هذا شطر من بيت مشهور من قصيدة مشهورة للنابغة الذبياني وأولها :


                                                                                                                                                                                                        كليني لهم يا أميمة ناصب وليل أقاسيه بطيء الكواكب



                                                                                                                                                                                                        يقول فيها :

                                                                                                                                                                                                        ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب



                                                                                                                                                                                                        وهو من المدح في معرض الذم ، لأن الفل في السيف نقص حسي ، لكنه لما كان دليلا على قوة ساعد صاحبه كان من جملة كماله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال هشام ) هو ابن عروة وهو موصول أيضا ، وقوله : " فأقمناه " أي ذكرنا قيمته ، تقول قومت الشيء وأقمته أي ذكرت ما يقوم مقامه من الثمن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأخذه بعضنا ) أي بعض الورثة ، وهو عثمان بن عروة أخو هشام ، وقوله : " ولوددت إلخ " هو من كلام هشام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثني فروة ) هو ابن مغراء بفتح الميم وسكون المعجمة ممدود ، وعلي هو ابن مسهر ، وهشام هو ابن عروة . وقوله : محلى بالمهملة وتشديد اللام من الحلية .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 351 ] الحديث الحادي عشر .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية