الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3766 حدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال قال عبد الرحمن بن عوف إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن فكأني لم آمن بمكانهما إذ قال لي أحدهما سرا من صاحبه يا عم أرني أبا جهل فقلت يا ابن أخي وما تصنع به قال عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه فقال لي الآخر سرا من صاحبه مثله قال فما سرني أني بين رجلين مكانهما فأشرت لهما إليه فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه وهما ابنا عفراء

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثني يعقوب بن إبراهيم ) كذا لأبي ذر والأصيلي ، وللباقين " حدثنا يعقوب " غير منسوب ، فجزم الكلاباذي بأنه ابن حميد بن كاسب ، وبه جزم الحاكم عن مشايخه ، ثم جوز أن يكون يعقوب بن محمد الزهري . قلت : وسيأتي ما يقويه . قال الحاكم : وقد ناظرني شيخنا أبو أحمد الحاكم في أن البخاري روى في الصحيح عن يعقوب بن حميد ، فقلت له : إنما روى عن يعقوب بن محمد فلم يرجع عن ذلك . قلت : وجزم ابن منده وأبو إسحاق الحبال وغير واحد بما قال أبو أحمد ، وهو متعقب بما وقع في رواية الأصيلي وأبي ذر ، وقال أبو علي الجياني : وقع عند ابن السكن هنا " حدثنا يعقوب بن محمد " وعند أبي ذر والأصيلي " حدثنا يعقوب بن إبراهيم " وأهمله الباقون . وجزم أبو مسعود في " الأطراف " بأنه ابن إبراهيم ، وجوز أنه يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، قال : وهو غلط ، فإن يعقوب مات قبل أن يرحل البخاري ، وقد روى له الكثير بواسطة ، وبنى الكرماني على أنه يعقوب بن إبراهيم بن سعد فقال : هذا السند مسلسل بالرواية عن الآباء ، ومال المزي إلى أنه يعقوب بن [ ص: 359 ] إبراهيم الدورقي انتهى . وقد تقدم في أواخر الصلاة في " باب الصلاة في مسجد قباء " وفي المناقب في " باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار : أنتم أحب الناس إلي " التصريح بالرواية عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي فقال البرقاني في " المصافحة " : يعقوب بن حميد ليس من شرط الصحيح ، وقد قيل : إنه يعقوب بن إبراهيم بن سعد ولكن سقطت الواسطة من النسخة ؛ لأن البخاري لم يسمع منه . انتهى . والراجح عدم السقوط وأنه إما الدورقي وإما ابن محمد الزهري ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أبيه عن جده ) أبوه هو سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، وقد تقدمت الإشارة في الباب الماضي إلى أن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف روى هذا الحديث أيضا عن أبيه ، وأنه ساقه في الخمس بتمامه . وقوله في هذه الرواية : فكأني لم آمن بمكانهما أي من العدو . وقيل : مكانهما كناية عنهما ، كأنه لم يثق بهما لأنه لم يعرفهما فلم يأمن أن يكونا من العدو ثم وجدت في مغازي ابن عائذ ما يرفع الإشكال ، فإنه أخرج هذه القصة مطولة بإسناد منقطع وقال فيها : فأشفقت أن يؤتى الناس من ناحيتي لكوني بين غلامين حديثين " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الصقرين ) بالمهملة ثم القاف تثنية صقر ، وهو من سباع الطير وأحد الجوارح الأربعة وهي الصقر والبازي والشاهين والعقاب ، وشبههما به لما اشتهر عنه من الشجاعة والشهامة والإقدام على الصيد ، ولأنه إذا تشبث بشيء لم يفارقه حتى يأخذه وأول من صاد به من العرب الحارث بن معاوية بن ثور الكندي ، ثم اشتهر الصيد به بعده .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية