الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3838 حدثني عبيد الله بن سعيد حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت لما كان يوم أحد هزم المشركون فصرخ إبليس لعنة الله عليه أي عباد الله أخراكم فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم فبصر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال أي عباد الله أبي أبي قال قالت فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه فقال حذيفة يغفر الله لكم قال عروة فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله عز وجل بصرت علمت من البصيرة في الأمر وأبصرت من بصر العين ويقال بصرت وأبصرت واحد

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لما كان يوم أحد هزم المشركون ، فصرخ إبليس : أي عباد الله أخراكم ) أي احترزوا من جهة أخراكم ، وهي كلمة تقال لمن يخشى أن يؤتى عند القتال من ورائه ، وكان ذلك لما ترك الرماة مكانهم ودخلوا ينتهبون عسكر المشركين كما سبق بيانه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم ) أي وهم يظنون أنهم من العدو ، وقد تقدم بيان ذلك من حديث ابن عباس الذي أخرجه أحمد والحاكم ، وأنهم لما رجعوا اختلطوا بالمشركين والتبس العسكران فلم يتميزوا ، فوقع القتل على المسلمين بعضهم من بعض .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فبصر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال : أي عباد الله أبي أبي ) هو بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة وأعادها تأكيدا ، وإنما ضبطه لئلا يصحف بأبي بضم الهمزة وفتح الموحدة مع التشديد ، وأفاد ابن سعد أن الذي قتل اليمان خطأ عتبة بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود ، وهو في " تفسير عبد بن حميد " من وجه آخر عن ابن عباس ، وذكر ابن إسحاق قال : " حدثني عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد قال : كان اليمان والد حذيفة وثابت بن وقش شيخين كبيرين فتركهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع النساء والصبيان ، فتذاكرا بينهما ورغبا في الشهادة ، فأخذا سيفيهما ولحقا بالمسلمين بعد الهزيمة ، فلم يعرفوا بهما ، فأما ثابت فقتله المشركون ، وأما اليمان فاختلف عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولا يعرفونه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال عروة إلخ ) تقدم بيانه في المناقب . وفي رواية ابن إسحاق " فقال حذيفة : قتلتم أبي . قالوا : والله ما عرفناه . وصدقوا ، فقال حذيفة : يغفر الله لكم ، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين ، فزاده ذلك عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرا " وفيه تعقب على ابن التين حيث قال : إن الراوي سكت في قتل اليمان عما يجب فيه من الدية والكفارة ، فإما أن تكون لم تفرض يومئذ ، أو اكتفى بعلم السامع .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية