الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3924 حدثنا علي حدثنا سفيان قال عمرو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أنتم خير أهل الأرض وكنا ألفا وأربع مائة ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة تابعه الأعمش سمع سالما سمع جابرا ألفا وأربع مائة وقال عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة حدثني عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاث مائة وكانت أسلم ثمن المهاجرين تابعه محمد بن بشار حدثنا أبو داود حدثنا شعبة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية : أنتم خير أهل الأرض ) هذا صريح في فضل أصحاب الشجرة ، فقد كان من المسلمين إذ ذاك جماعة بمكة وبالمدينة وبغيرهما ، وعند أحمد بإسناد حسن عن أبي سعيد الخدري قال : لما كان بالحديبية قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا توقدوا نارا بليل . فلما كان بعد [ ص: 508 ] ذلك قال : أوقدوا واصطنعوا فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم وعند مسلم من حديث جابر مرفوعا لا يدخل النار من شهد بدرا والحديبية وروى مسلم أيضا من حديث أم مبشر أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا يدخل النار أحد من أصحاب الشجرة وتمسك به بعض الشيعة في تفضيل علي على عثمان ؛ لأن عليا كان من جملة من خوطب بذلك وممن بايع تحت الشجرة وكان عثمان حينئذ غائبا كما تقدم في المناقب من حديث ابن عمر ، لكن تقدم في حديث ابن عمر المذكور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بايع عنه فاستوى معهم عثمان في الخيرية المذكورة ، ولم يقصد في الحديث إلى تفضيل بعضهم على بعض ، واستدل به أيضا على أن الخضر ليس بحي ؛ لأنه لو كان حيا مع ثبوت كونه نبيا للزم تفضيل غير النبي على النبي وهو باطل فدل على أنه ليس بحي حينئذ ، وأجاب من زعم أنه حي باحتمال أن يكون حينئذ حاضرا معهم ولم يقصد إلى تفضيل بعضهم على بعض ، أو لم يكن على وجه الأرض بل كان في البحر ، والثاني جواب ساقط ، وعكس ابن التين فاستدل به على أن الخضر ليس بنبي فبنى الأمر على أنه حي وأنه دخل في عموم من فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الشجرة عليهم ، وقد قدمنا الأدلة الواضحة على ثبوت نبوة الخضر في أحاديث الأنبياء .

                                                                                                                                                                                                        وأغرب ابن التين فجزم أن إلياس ليس بنبي وبناه على قول من زعم أنه أيضا حي ، وهو ضعيف أعني كونه حيا ، وأما كونه ليس بنبي فنفي باطل ففي القرآن العظيم وإن إلياس لمن المرسلين فكيف يكون أحد من بني آدم مرسلا وليس بنبي ؟

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولو كنت أبصر اليوم ) يعني أنه كان عمي في آخر عمره .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تابعه الأعمش سمع سالما ) يعني ابن أبي الجعد ( سمع جابرا ألفا وأربعمائة ) أي في قوله ألفا وأربعمائة ، وهذه الطريق وصلها المؤلف في آخر كتاب الأشربة وساق الحديث أتم مما هنا ، وبين في آخره الاختلاف فيه على سالم ثم على جابر في العدد المذكور ، وقد بينت وجه الجمع قريبا . وقيل : إنما عدل الصحابي عن قوله : ألف وأربعمائة إلى قوله : أربع عشرة مائة للإشارة إلى أن الجيش كان منقسما إلى المئات وكانت كل مائة ممتازة عن الأخرى إما بالنسبة إلى القبائل وإما بالنسبة إلى الصفات . قال ابن دحية : الاختلاف في عددهم دال على أنه قيل بالتخمين . وتعقب بإمكان الجمع كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                        الحديث السادس حديث عبد الله بن أبي أوفى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال عبيد الله بن معاذ ) كذا ذكره بصيغة التعليق ، وقد وصله أبو نعيم في " المستخرج على مسلم " من طريق الحسن بن سفيان " حدثنا عبيد الله بن معاذ به " وقال مسلم : " حدثنا عبيد الله بن معاذ به " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ألفا وثلاثمائة ) في رواية علي بن قادم عن شعبة عن عمرو بن مرة عند ابن مردويه " ألفا وأربعمائة " وهي شاذة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكانت أسلم ) أي قبيلته .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثمن المهاجرين ) بضم المثلثة وسكون الميم وضمها ولم أعرف عدد من كان بها من المهاجرين خاصة ليعرف عدد الأسلميين ، إلا أن الواقدي جزم بأنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الحديبية من أسلم مائة رجل ، فعلى هذا كان المهاجرون ثمانمائة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تابعه محمد بن بشار ) هو بندار ( حدثنا أبو داود ) هو الطيالسي ، وهذه الطريق وصلها الإسماعيلي عن ابن عبد الكريم عن بندار به ، وأخرجه مسلم عن أبي موسى محمد بن المثنى عن أبي داود به .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 509 ] الحديث السابع .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية