الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4093 حدثني محمد بن بشار حدثنا روح بن عبادة حدثنا علي بن سويد بن منجوف عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد ليقبض الخمس وكنت أبغض عليا وقد اغتسل فقلت لخالد ألا ترى إلى هذا فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال يا بريدة أتبغض عليا فقلت نعم قال لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا علي بن سويد بن منجوف ) بفتح الميم وسكون النون وضم الجيم وسكون الواو ، ووقع في رواية القابسي " عن علي بن سويد عن منجوف " وهو تصحيف ، وعلي بن سويد بن منجوف سدوسي بصري ثقة ليس له في البخاري سوى هذا الموضع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عبد الله بن بريدة ) في رواية الإسماعيلي " حدثني عبد الله " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا إلى خالد ) أي ابن الوليد ( ليقبض الخمس ) أي خمس الغنيمة ، وفي رواية الإسماعيلي التي سأذكرها " ليقسم الخمس " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكنت أبغض عليا وقد اغتسل فقلت لخالد : ألا ترى ) هكذا وقع عنده مختصرا ، وقد أورده الإسماعيلي من طرق إلى روح بن عبادة الذي أخرجه البخاري من طريقه فقال في سياقه : " بعث عليا إلى خالد ليقسم الخمس " وفي رواية له " ليقسم الفيء ، فاصطفى علي منه لنفسه سبيئة " بفتح المهملة وكسر الموحدة بعدها تحتانية ساكنة ، ثم همزة أي جارية من السبي ، وفي رواية له " فأخذ منه جارية ثم أصبح يقطر رأسه ، فقال خالد لبريدة : ألا ترى ما صنع هذا ؟ قال بريدة : وكنت أبغض عليا " ولأحمد من طريق عبد الجليل عن عبد الله بن بريدة عن أبيه " أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا ، وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا على بغضه [ ص: 665 ] عليا ، قال : فأصبنا سبيا فكتب - أي الرجل - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - : ابعث إلينا من يخمسه ، قال : فبعث إلينا عليا ، وفي السبي وصيفة هي أفضل السبي ، قال : فخمس وقسم ، فخرج ورأسه يقطر - فقلت : يا أبا الحسن ما هذا ؟ فقال : ألم تر إلى الوصيفة ، فإنها صارت في الخمس ، ثم صارت في آل محمد ، ثم صارت في آل علي فوقعت بها " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ) في رواية - عبد الجليل " فكتب الرجل : إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقصة ، فقلت : ابعثني فبعثني فجعل يقرأ الكتاب ويقول : صدق " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال : يا بريدة أتبغض عليا ؟ فقلت : نعم . قال : لا تبغضه ) زاد في رواية عبد الجليل " وإن كنت تحبه فازدد له حبا " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فإن له في الخمس أكثر من ذلك ) في رواية عبد الجليل " فوالذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة " وزاد " قال : فما كان أحد من الناس أحب إلي من علي " وأخرج أحمد هذا الحديث من طريق أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة بطوله وزاد في آخره لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي وأخرجه أحمد أيضا والنسائي من طريق سعيد بن عبيدة عن عبد الله بن بريدة مختصرا وفي آخره فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - قد احمر وجهه يقول : من كنت وليه فعلي وليه وأخرجه الحاكم من هذا الوجه مطولا وفيه قصة الجارية نحو رواية عبد الجليل ، وهذه طرق يقوي بعضها بعضا .

                                                                                                                                                                                                        قال أبو ذر الهروي : إنما أبغض الصحابي عليا ؛ لأنه رآه أخذ من المغنم ، فظن أنه غل ، فلما أعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخذ أقل من حقه أحبه اهـ . وهو تأويل حسن ، لكن يبعده صدر الحديث الذي أخرجه أحمد فلعل سبب البغض كان لمعنى آخر وزال بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم عن بغضه . وقد استشكل وقوع علي على الجارية بغير استبراء ، وكذلك قسمته لنفسه ، فأما الأول فمحمول على أنها كانت بكرا غير بالغ ورأى أن مثلها لا يستبرأ كما صار إليه غيره من الصحابة ، ويجوز أن تكون حاضت عقب صيرورتها له ثم طهرت بعد يوم وليلة ثم وقع عليها وليس ما يدفعه ، وأما القسمة فجائزة في مثل ذلك ممن هو شريك فيما يقسمه كالإمام إذا قسم بين الرعية وهو منهم ، فكذلك من نصبه الإمام قام مقامه . وقد أجاب الخطابي بالثاني ، وأجاب عن الأول لاحتمال أن تكون عذراء أو دون البلوغ أو أداه اجتهاده أن لا استبراء فيها ، ويؤخذ من الحديث جواز التسري على بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف التزويج عليها لما وقع في حديث المسور في كتاب النكاح .

                                                                                                                                                                                                        الحديث الثالث : حديث أبي سعيد .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية