الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4104 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج قال أخبرني عمرو أنه سمع جابرا رضي الله عنه يقول غزونا جيش الخبط وأمر أبو عبيدة فجعنا جوعا شديدا فألقى البحر حوتا ميتا لم نر مثله يقال له العنبر فأكلنا منه نصف شهر فأخذ أبو عبيدة عظما من عظامه فمر الراكب تحته فأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول قال أبو عبيدة كلوا فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال كلوا رزقا أخرجه الله أطعمونا إن كان معكم فأتاه بعضهم فأكله

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله في الرواية الثالثة : ( وأمر أبو عبيدة ) كذا لهم بضم الهمزة وتشديد الميم على البناء للمجهول ، وفي رواية ابن عيينة عند مسلم " وأميرنا أبو عبيدة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأخبرني أبو الزبير ) القائل هو ابن جريج ، وهو موصول بالإسناد المذكور .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أطعمونا إن كان معكم منه ، فآتاه بعضهم ) بالمد أي فأعطاه ( فأكله ) ووقع في رواية ابن السكن " فأتاه بعضهم بعضو منه فأكله " قال عياض : وهو الوجه . قلت : في رواية أحمد من طريق ابن جريج التي أخرجها منه البخاري " وكان معنا منه شيء ، فأرسل به إليه بعض القوم فأكل منه " ووقع في رواية أبي حمزة عن جابر عند ابن أبي عاصم في كتاب الأطعمة فلما قدموا ذكروا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : لو نعلم أنا ندركه [ ص: 683 ] لم يروح لأحببنا لو كان عندنا منه وهذا لا يخالف رواية أبي الزبير لأنه يحمل على أنه قال ذلك ازديادا منه بعد أن أحضروا له منه ما ذكر ، أو قال ذلك قبل أن يحضروا له منه وكان الذي أحضروه معهم لم يروح فأكل منه ، والله أعلم . وفي الحديث من الفوائد أيضا مشروعية المواساة بين الجيش عند وقوع المجاعة ، وأن الاجتماع على الطعام يستدعي البركة فيه ، وقد اختلفوا في سبب نهي أبي عبيدة قيسا أن يستمر على إطعام الجيش ، فقيل : لخشية أن تفنى حمولتهم ، وفيه نظر لأن القصة أنه اشترى من غير العسكر ، وقيل : لأنه كان يستدين على ذمته ، وليس له مال فأريد الرفق به ، وهذا أظهر . والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية