الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير يعفون يهبن

                                                                                                                                                                                                        4256 حدثني أمية بن بسطام حدثنا يزيد بن زريع عن حبيب عن ابن أبي مليكة قال ابن الزبير قلت لعثمان بن عفان والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا قال قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها قال يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه [ ص: 41 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 41 ] قوله : باب والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ساق الآية إلى قوله : والله بما تعملون خبير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يعفون يهبن ) ثبت هذا هـنا في نسخة الصغاني ، وهو تفسير أبي عبيدة قال : يعفون : يتركن يهبن ، وهو على رأي الحميدي خلافا لمحمد بن كعب فإنه قال : المراد عفو الرجال ، وهذه اللفظة ونظائرها مشتركة بين الجمع والمذكر والمؤنث ، لكن في الرجال النون علامة الرفع ، وفي النساء النون ضمير لهن ، ووزن جمع المذكر يفعلون وجمع المؤنث يفعلن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن حبيب ) هو ابن الشهيد كما سيأتي بعد بابين .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن ابن أبي مليكة ) في رواية الإسماعيلي من طريق علي ابن المديني عن يزيد بن زريع " حدثنا [ ص: 42 ] حبيب بن الشهيد حدثني عبد الله بن أبي مليكة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال ابن الزبير ) في رواية ابن المديني المذكورة " عن عبد الله بن الزبير " وله من وجه آخر " عن يزيد بن زريع بسنده أن عبد الله بن الزبير قال : قلت لعثمان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فلم تكتبها أو تدعها ) كذا في الأصول بصيغة الاستفهام الإنكاري كأنه قال : لم تكتبها وقد عرفت أنها منسوخة ، أو قال لم تدعها أي تتركها مكتوبة ، وهو شك من الراوي أي اللفظين قال . ووقع في الرواية الآتية بعد بابين " فلم تكتبها ؟ قال تدعها يا ابن أخي " وفي رواية الإسماعيلي " لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى " وهو يؤيد التقدير الذي ذكرته . وله من رواية أخرى " قلت لعثمان : هذه الآية والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج قال : نسختها الآية الأخرى . قلت : تكتبها أو تدعها ؟ قال : يا ابن أخي لا أغير منها شيئا عن مكانه " . وهذا السياق أولى من الذي قبله . وأو للتخيير لا للشك . وفي جواب عثمان هذا دليل على أن ترتيب الآي توقيفي . وكأن عبد الله بن الزبير ظن أن الذي ينسخ حكمه لا يكتب ، فأجابه عثمان بأن ذلك ليس بلازم والمتبع فيه التوقف ، وله فوائد : منها ثواب التلاوة ، والامتثال على أن من السلف من ذهب إلى أنها ليست منسوخة وإنما خص من الحول بعضه وبقي البعض وصية لها إن شاءت أقامت كما في الباب عن مجاهد ، لكن الجمهور على خلافه . وهذا الموضع مما وقع فيه الناسخ مقدما في ترتيب التلاوة على المنسوخ . وقد قيل إنه لم يقع نظير ذلك إلا هـنا وفي الأحزاب على قول من قال : إن إحلال جميع النساء هو الناسخ ، وسيأتي البحث فيه هناك إن شاء الله تعالى . وقد ظفرت بمواضع أخرى منها في البقرة أيضا قوله : فأينما تولوا فثم وجه الله فإنها محكمة في التطوع مخصصة لعموم قوله وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره كونها مقدمة في التلاوة ، ومنها في البقرة أيضا قوله تعالى ما ننسخ من آية على قول من قال إن سبب نزولها أن اليهود طعنوا في تحويل القبلة ، فإنه يقتضي أن تكون مقدمة في التلاوة متأخرة في النزول ، وقد تتبعت من ذلك شيئا كثيرا ذكرته في غير هذا الموضع ، ويكفي هنا الإشارة إلى هذا القدر . قوله وقول عثمان لعبد الله " يا ابن أخي " يريد في الإيمان أو بالنسبة إلى السن ، وزاد الكرماني : أو على عادة مخاطبة العرب . ويمكن أن يتحد مع الذي قبله . قال أو لأنهما يجتمعان في قصي . قال : إلا أن عثمان وعبد الله في العدد إلى قصي سواء ، بين كل منهما وبينه أربعة آباء فلو أراد ذلك لقال يا أخي .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية