الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون

                                                                                                                                                                                                        4375 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو عن ابن عباس رضي الله عنهما لما نزلت إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة فكتب عليهم أن لا يفر واحد من عشرة فقال سفيان غير مرة أن لا يفر عشرون من مائتين ثم نزلت الآن خفف الله عنكم الآية فكتب أن لا يفر مائة من مائتين وزاد سفيان مرة نزلت حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون قال سفيان وقال ابن شبرمة وأرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا [ ص: 162 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 162 ] قوله : باب يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال الآية ساق غير أبي ذر الآية إلى ( يفقهون ) وسقط عندهم " باب " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عمرو ) هو ابن دينار .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فكتب عليهم أن لا يفر ) أي فرض عليهم ، والسياق وإن كان بلفظ الخبر لكن المراد منه الأمر لأمرين : أحدهما أنه لو كان خبرا محضا للزم وقوع خلاف المخبر به وهو محال فدل على أنه أمر ، والثاني لقرينة التخفيف فإنه لا يقع إلا بعد تكليف ، والمراد بالتخفيف هنا التكليف بالأخف لا رفع الحكم أصلا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن لا يفر واحد من عشرة ، فقال سفيان غير مرة أن لا يفر عشرون من مائتين ) أي أن سفيان كان يرويه بالمعنى ، فتارة يقول باللفظ الذي وقع في القرآن محافظة على التلاوة وهو الأكثر ، وتارة يرويه بالمعنى وهو أن لا يفر واحد من العشرة ، ويحتمل أن يكون سمعه باللفظين ويكون التأويل من غيره ، ويؤيده الطريق التي بعد هذه فإن ذلك ظاهر في أنه من تصرف ابن عباس . وقد روى الطبري من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال " جعل على الرجل عشرة من الكفار ، ثم خفف عنهم فجعل على الرجل رجلان " وروى أيضا الطبري من طريق علي بن أبي طلحة ومن طريق العوفي وغيرهما عن ابن عباس نحوه مطولا ومختصرا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وزاد سفيان ) كأنه حدث مرة بالزيادة ومرة بدونها . وقد روى ابن مردويه من طريق محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال " كان الرجل لا ينبغي له أن يفر من عشرة ، ثم أنزل الله الآن خفف الله عنكم الآية فجعل الرجل منهم لا ينبغي له أن يفر من اثنين " وهذا يؤيد ما قلناه أنه من تصرف ابن عباس لا ابن عيينة ، فكأنه سمعه من عمرو بن دينار باللفظين ، وسأذكر ما فيه في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال سفيان وقال ابن شبرمة ) هو عبد الله قاضي الكوفة وهو موصول ، ووهم من زعم أنه معلق فإن في رواية ابن أبي عمر عن سفيان عند أبي نعيم في المستخرج " قال سفيان فذكرته لابن شبرمة فذكر مثله " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا ) أي أنه عنده في حكم الجهاد ، لجامع ما بينهما من إعلاء كلمة الحق وإخماد كلمة الباطل




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية