الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب وكان الإنسان أكثر شيء جدلا

                                                                                                                                                                                                        4447 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة قال ألا تصليان رجما بالغيب لم يستبن فرطا يقال ندما سرادقها مثل السرادق والحجرة التي تطيف بالفساطيط يحاوره من المحاورة لكنا هو الله ربي أي لكن أنا هو الله ربي ثم حذف الألف وأدغم إحدى النونين في الأخرى وفجرنا خلالهما نهرا يقول بينهما زلقا لا يثبت فيه قدم هنالك الولاية مصدر الولي عقبا عاقبة وعقبى وعقبة واحد وهي الآخرة قبلا وقبلا وقبلا استئنافا ليدحضوا ليزيلوا الدحض الزلق [ ص: 259 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 259 ] قوله : ( وقال مجاهد ( تقرضهم ) تتركهم ) وصله الفريابي عنه ، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة نحوه ، وسقط هنا لأبي ذر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال مجاهد : وكان له ثمر ذهب وفضة ) وصله الفريابي بلفظه ، وأخرج الفراء من وجه آخر عن مجاهد قال : ما كان في القرآن ثمر بالضم فهو المال ، وما كان بالفتح فهو النبات .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال غيره : جماعة الثمر ) كأنه عنى به قتادة فقد أخرج الطبري من طريق أبي سفيان المعمري عن معمر عن قتادة قال : الثمر المال كله ، وكل مال إذا اجتمع فهو ثمر إذا كان من لون الثمرة وغيرها من المال كله . وروى ابن المنذر من وجه آخر عن قتادة قال : قرأ ابن عباس ( ثمر ) يعني بفتحتين وقال : يريد أنواع المال ، انتهى . والذي قرأ هنا بفتحتين عاصم ، وبضم ثم سكون أبو عمرو ، والباقون بضمتين . قال ابن التين : معنى قوله : " جماعة الثمر " أن ثمرة يجمع على ثمار ، وثمار على ثمر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باخع مهلك ) هو قول أبي عبيدة ، وأنشد لذي الرمة :

                                                                                                                                                                                                        ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه

                                                                                                                                                                                                        وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة باخع نفسك أي قاتل نفسك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أسفا ندما ) هو قول أبي عبيدة ، وقال قتادة : حزنا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الكهف الفتح في الجبل ، والرقيم الكتاب ، مرقوم مكتوب من الرقم ) تقدم جميع ذلك في أحاديث الأنبياء مشروحا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أمدا غاية ، طال عليهم الأمد ) سقط هذا لأبي ذر وهو قول أبي عبيدة ، وروى عبد بن حميد من طريق مجاهد في قوله : ( أمدا ) قال : عددا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال سعيد - يعني ابن جبير - عن ابن عباس : الرقيم لوح من رصاص كتب عاملهم أسماءهم ثم طرحه في خزانته ، فضرب الله على آذانهم ) وصله عبد بن حميد من طريق يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير مطولا ، وقد لخصته في أحاديث الأنبياء ، وإسناده صحيح على شرط البخاري . وقد روى ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه قال : ما كنت أعرف الرقيم ، ثم سألت عنه فقيل لي هي القرية التي خرجوا منها . وإسناده ضعيف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال غيره : وربطنا على قلوبهم ألهمناهم صبرا ) تقدم شرحه في أحاديث الأنبياء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : لولا أن ربطنا على قلبها أي ومن هذه المادة هذا الموضع ، ذكره استطرادا وإنما هو في سورة القصص ، وهو قول أبي عبيدة أيضا . وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : لولا أن ربطنا على قلبها بالإيمان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مرفقا كل شيء ارتفقت به ) هو قول أبي عبيدة وزاد : ويقرأه قوم بفتح الميم وكسر الفاء انتهى . وهي قراءة نافع وابن عامر . واختلف هل هما بمعنى أم لا ؟ فقيل : هو بكسر الميم للجارحة وبفتحها للأمر ، وقد يستعمل أحدهما موضع الآخر ، وقيل لغتان فيما يرتفق به وأما الجارحة فبالكسر فقط وقيل لغتان في الجارحة أيضا ، وقال أبو حاتم : هو بفتح الميم الموضع كالمسجد ، وبكسرها الجارحة .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 260 ] قوله : ( تزاور من الزور ، والأزور الأميل ) هو قول أبي عبيدة ، قوله : ( فجوة متسع والجمع فجوات وفجى ، كقولك زكوات وزكاة ) هو قول أبي عبيدة أيضا ، قوله : ( شططا إفراطا ، الوصيد الفناء إلخ ) تقدم كله في أحاديث الأنبياء ، قوله : ( بعثناهم أحييناهم ) هو قول أبي عبيدة ، وروى عبد الرزاق من طريق عكرمة قال : كان أصحاب الكهف أولاد ملوك اعتزلوا قومهم في الكهف فاختلفوا في بعث الروح والجسد فقال قائل يبعثان ، وقال قائل : تبعث الروح فقط وأما الجسد فتأكله الأرض ، فأماتهم الله ثم أحياهم ، فذكر القصة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أزكى أكثر ، ويقال أحل ، ويقال أكثر ريعا ) تقدم أيضا . وروى سعيد بن منصور من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أحل ذبيحة ، وكانوا يذبحون للطواغيت .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : سقط من قوله : " الكهف الفتح " إلى هنا من رواية أبي ذر هنا ، وكأنه استغنى بتقديم جل ذلك هناك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال غيره : لم يظلم لم ينقص ) كذا لأبي ذر ، ولغيره : وقال ابن عباس ، فذكره ، وقد وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، وكذا الطبري من طريق سعيد عن قتادة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال مجاهد : موئلا محرزا ) وصله الفريابي . وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله : ( موئلا ) قال : ملجأ ، ورجحه ابن قتيبة وقال : هو من وأل إذا لجأ إليه ، وهو هنا مصدر ، وأصل الموئل المرجع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وألت تئل تنجو ) قال أبو عبيدة في قوله : ( موئلا ) : ملجأ منجا ، قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                        فلا وألت نفس عليها تحاذر

                                                                                                                                                                                                        أي لا نجت .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا يستطيعون سمعا ) أي ( لا يعقلون ) وصله الفريابي من طريق مجاهد مثله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : باب وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ذكر فيه حديث علي مختصرا ، ولم يذكر مقصود الباب على عادته في التعمية ، وقد تقدم شرحه مستوفى في صلاة الليل ، وفيه ذكر الآية المذكورة ، وقوله في آخره : " ألا تصليان " زاد في نسخة الصغاني " وذكر الحديث والآية إلى قوله أكثر شيء جدلا " .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 261 ] قوله : ( رجما بالغيب : لم يستبن ) سقط هذا لأبي ذر هنا ، وقد تقدم في أحاديث الأنبياء . ولقتادة عند عبد الرزاق ( رجما بالغيب ) قال : قذفا بالظن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فرطا ندما ) وصله الطبري من طريق داود بن أبي هند في قوله : ( فرطا ) قال : ندامة ، وقال أبو عبيدة في قوله : وكان أمره فرطا أي تضييعا وإسرافا . وللطبري عن مجاهد قال : ضياعا . وعن السدي قال : إهلاكا . وعن ابن جريج : نزلت في عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري قبل أن يسلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سرادقها مثل السرادق والحجرة التي تطيف بالفساطيط ) هو قول أبي عبيدة لكنه تصرف فيه ، قال أبو عبيدة في قوله : أحاط بهم سرادقها كسرادق الفسطاط ، وهي الحجرة التي تطوف بالفسطاط ، قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                        سرادق المجد عليك ممدود

                                                                                                                                                                                                        وروى الطبري من طريق ابن عباس بإسناد منقطع قال : سرادقها حائط من نار ، قوله : ( يحاوره من المحاورة ) قال أبو عبيدة : يحاوره أي يكلمه من المحاورة أي المراجعة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لكنا هو الله ربي أي لكن أنا هو الله ربي ، ثم حذف الألف وأدغم إحدى النونين في الأخرى ) هو قول أبي عبيدة ، وقال الفراء : ترك الألف من أنا كثير في الكلام ثم أدغمت نون أنا في نون لكن ، وأنشد :

                                                                                                                                                                                                        وترمقني بالطرف أي أنت مذنب وتقلينني لكن إياك لا أقلي

                                                                                                                                                                                                        أي لكن أنا إياك لا أقلي . قال : ومن العرب من يشبع ألف أنا فجاءت القراءة على تلك اللغة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وفجرنا خلالهما نهرا تقول بينهما ) ثبت لأبي ذر ، وهو قول أبي عبيدة ، وقراءة الجمهور بالتشديد ، ويعقوب وعيسى بن عمر بالتخفيف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( هنالك الولاية مصدر ولي الولي ولاء ) كذا لأبي ذر وللباقين " مصدر الولي " وهو أصوب ، وهو قول أبي عبيدة قاله في تفسير سورة البقرة ، وقرأ الجمهور بفتح الواو ، والأخوان بكسرها ، وأنكره أبو عمرو والأصمعي لأن الذي بالكسر الإمارة ولا معنى له هنا . وقال غيرهما : الكسر لغة بمعنى الفتح كالدلالة بفتح دالها وكسرها بمعنى .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : يأتي قوله : ( خير عقبا ) في الدعوات .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قبلا وقبلا وقبلا استئنافا ) قال أبو عبيدة في قوله : أو يأتيهم العذاب قبلا أي أولا ، فإن فتحوا أولها فالمعنى استئنافا ، وغفل ابن التين فقال : لا أعرف للاستئناف هنا معنى ، وإنما هو استقبالا ، وهو يعود على قبلا بفتح القاف ، انتهى . والمؤتنف قريب من المقبل فلا معنى لادعاء تفسيره .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ليدحضوا ليزيلوا ، الدحض الزلق ) قال أبو عبيدة في قوله : ليدحضوا به الحق : أي ليزيلوا ، يقال : مكان دحض أي مزل مزلق لا يثبت فيه خف ولا حافر .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية