الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4682 حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر هو الخير الذي أعطاه الله إياه قال أبو بشر قلت لسعيد بن جبير فإن الناس يزعمون أنه نهر في الجنة فقال سعيد النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثالث حديث ابن عباس من رواية أبي بشر عن سعيد بن جبير عنه أنه قال في الكوثر : " هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه . قال : قلت لسعيد بن جبير عنه إنه قال في الكوثر : فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة ، فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه " . هذا تأويل من سعيد بن جبير جمع به بين حديثي عائشة وابن عباس ، وكأن الناس الذين عناهم أبو بشر أبو إسحاق وقتادة ونحوهما ممن روى ذلك صريحا أن الكوثر هو النهر ، وقد أخرج الترمذي من طريق ابن عمر رفعه " الكوثر : نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت " الحديث قال : إنه حسن صحيح . وفي صحيح مسلم من طريق المختار بن فلفل عن أنس بينما نحن عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ غفا إغفاءة ، ثم رفع رأسه متبسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : نزلت علي سورة . فقرأ . بسم الله الرحمن الرحيم . إنا أعطيناك الكوثر إلى آخرها ، ثم قال : أتدرون ما الكوثر ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير ، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة الحديث . وحاصل ما قاله سعيد بن جبير أن قول ابن عباس إنه الخير الكثير لا يخالف قول غيره إن المراد به نهر في الجنة ، لأن النهر فرد من أفراد الخير الكثير ، ولعل سعيدا أومأ إلى أن تأويل ابن عباس أولى لعمومه ، لكن ثبت تخصيصه بالنهر من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا معدل عنه . وقد نقل المفسرون في الكوثر أقوالا أخرى غير هذين تزيد على العشرة ، منها قول عكرمة : الكوثر النبوة ، وقول الحسن : الكوثر القرآن ، وقيل تفسيره ، وقيل الإسلام ، وقيل إنه التوحيد ، وقيل كثرة الأتباع ، وقيل الإيثار ، وقيل رفعة الذكر ، وقيل نور القلب ، وقيل الشفاعة ، وقيل المعجزات ؛ وقيل إجابة الدعاء ، وقيل الفقه في الدين ، وقيل الصلوات الخمس . وسيأتي مزيد بسط في أمر الكوثر وهل الحوض النبوي هو أو غيره في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية