الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قوله الله الصمد والعرب تسمي أشرافها الصمد قال أبو وائل هو السيد الذي انتهى سودده

                                                                                                                                                                                                        4691 حدثنا إسحاق بن منصور قال وحدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك أما تكذيبه إياي أن يقول إني لن أعيده كما بدأته وأما شتمه إياي أن يقول اتخذ الله ولدا وأنا الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفؤا أحد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد كفؤا وكفيئا وكفاء واحد [ ص: 612 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 612 ] قوله : ( باب قوله الله الصمد ) ثبتت هذه الترجمة لأبي ذر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( والعرب تسمي أشرافها الصمد ) . وقال أبو عبيدة الصمد : السيد الذي يصمد إليه ليس فوقه أحد ، فعلى هذا هو فعل بفتحتين بمعنى مفعول ، ومن ذلك قول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                        ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد



                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال أبو وائل : هو السيد الذي انتهى سؤدده ) ثبت هذا للنسفي هنا ، وقد وصله الفريابي من طريق الأعمش عنه ، وجاء أيضا من طريق عاصم عن أبي وائل فوصله بذكر ابن مسعود فيه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا إسحاق بن منصور ) كذا للجميع ، قال المزي في " الأطراف " : في بعض النسخ " حدثنا إسحاق بن نصر " قلت : وهي رواية النسفي ، وهما مشهوران من شيوخ البخاري ممن حدثه عن عبد الرزاق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ) في رواية أحمد عن عبد الرزاق " كذبني عبدي " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وشتمني ولم يكن له ذلك ) ثبت هنا في رواية الكشميهني ، وكذا هو عند أحمد ، وسقط بقية الرواة عن الفربري وكذا النسفي ، والمراد به بعض بني آدم ، وهم من أنكر البعث من العرب وغيرهم من عباد الأوثان والدهرية ومن ادعى أن لله ولدا من العرب أيضا ومن اليهود والنصارى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أما تكذيبه إياي أن يقول إني لن أعيده كما بدأته ) كذا لهم بحذف الفاء في جواب " أما " وقد وقع في رواية الأعرج في الباب الذي قبله " فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني " وفي رواية أحمد " أن يقول : فليعدنا كما بدأنا " وهي من شواهد ورود صيغة أفعل بمعنى التكذيب ، ومثله قوله : قل فأتوا بالتوراة فاتلوها ، وقع في رواية الأعرج في الباب قبله " وليس بأول الخلق بأهون من إعادته " وقد تقدم الكلام على لفظ " أهون " في بدء الخلق وقول من قال : إنها بمعنى هين وغير ذلك من الأوجه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأنا الصمد الذي لم ألد ولم أولد ) في رواية الأعرج " وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد " قوله : ( ولم يكن لي كفوا أحد ) كذا للأكثر ، وهو وزان ما قبله . ووقع للكشميهني " ولم يكن له " وهو التفات ، وكذا في رواية الأعرج " ولم يكن لي " بعد قوله " لم يلد " وهو التفات أيضا . ولما كان الرب سبحانه واجب الوجود لذاته قديما موجودا قبل وجود الأشياء وكان كل مولود محدثا انتفت عنه الوالدية ، ولما كان لا يشبهه أحد من خلقه ولا يجانسه حتى يكون له من جنسه صاحبة فتتوالد انتفت عنه الوالدية ، ومن هذا قوله تعالى أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وقد تقدم في تفسير البقرة حديث ابن عباس بمعنى حديث أبي هريرة هذا [ ص: 613 ] لكن قال في آخره " فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا " بدل قوله " وأنا الأحد الصمد إلخ " وهو محمول على أن كلا من الصحابيين حفظ في آخره ما لم يحفظ الآخر . ويؤخذ منه أن من نسب غيره إلى أمر لا يليق به يطلق عليه أنه شتمه ، وسبق في كتاب بدء الخلق تقرير ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كفوا وكفيئا وكفاء واحد ) أي بمعنى واحد وهو قول أبي عبيدة ، والأول بضمتين والثاني بفتح الكاف وكسر الفاء بعدها تحتانية ثم الهمزة والثالث بكسر الكاف ثم المد ، وقال الفراء : كفوا يثقل ويخفف ، أي يضم ويسكن .

                                                                                                                                                                                                        قلت : وبالضم قرأ الجمهور ، وفتح حفص الواو بغير همز . وبالسكون قرأ حمزة وبهمز في الوصل ويبدلها واوا في الوقف ، ومراد أبي عبيدة أنها لغات لا قراءات نعم روي في الشواذ عن سليمان بن علي العباسي أنه قرأ بكسر ثم مد ، وروي عن نافع مثله لكن بغير مد . ومعنى الآية أنه لم يماثله أحد ولم يشاكله ، أو المراد نفي الكفاءة في النكاح نفيا للمصاحبة ، والأول أولى ، فإن سياق الكلام لنفي المكافأة عن ذاته تعالى .

                                                                                                                                                                                                        113 - سورة ( قل أعوذ برب الفلق ) وقال مجاهد الفلق : الصبح . غاسق : الليل . إذا وقب : غروب الشمس . يقال : أبين من فرق وفلق الصبح . وقب : إذا دخل في كل شيء وأظلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية