الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                        4713 حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عمرو عن إبراهيم عن مسروق ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال لا أزال أحبه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب [ ص: 664 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 664 ] قوله : ( باب القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي الذين اشتهروا بحفظ القرآن والتصدي لتعليمه ، وهذا اللفظ كان في عرف السلف أيضا لمن تفقه في القرآن . وذكر فيه ستة أحاديث .

                                                                                                                                                                                                        الأول عن عمرو هو ابن مرة ، وقد نسبه المصنف في المناقب من هذا الوجه ، وذهل الكرماني . فقال : هو عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي ، وليس كما قال .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن مسروق ) جاء عن إبراهيم وهو النخعي فيه شيخ آخر أخرجه الحاكم من طريق أبي سعيد المؤدب عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ، وهو مقلوب فإن المحفوظ في هذا عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق كما تقدم في المناقب ، ويحتمل أن يكون إبراهيم حمله عن شيخين والأعمش حمله عن شيخين .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( خذوا القرآن من أربعة ) أي : تعلموه منهما ، والأربعة المذكورون اثنان من المهاجرين وهما المبدأ بهما واثنان من الأنصار ، وسالم هو ابن معقل مولى أبي حذيفة ، ومعاذ هو ابن جبل . وقد تقدم هذا الحديث في مناقب سالم مولى أبي حذيفة من هذا الوجه ، وفي أوله " ذكر عبد الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو فقال : ذاك رجل لا أزال أحبه بعدما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : خذوا القرآن من أربعة فبدأ به " فذكر حديث الباب .

                                                                                                                                                                                                        ويستفاد منه محبة من يكون ماهرا في القرآن ، وأن البداءة بالرجل في الذكر على غيره في أمر اشترك فيه مع غيره يدل على تقدمه فيه ، وتقدم بقية شرحه هناك . وقال الكرماني : يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد الإعلام بما يكون بعده ، أي أن هؤلاء الأربعة يبقون حتى ينفردوا بذلك ، وتعقب بأنهم لم ينفردوا بل الذين مهروا في تجويد القرآن بعد العصر النبوي أضعاف المذكورين ، وقد قتل سالم مولى أبي حذيفة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقعة اليمامة ، ومات معاذ في خلافة عمر ، ومات أبي وابن مسعود في خلافة عثمان ، وقد تأخر زيد بن ثابت وانتهت إليه الرياسة في القراءة وعاش بعدهم زمانا طويلا ، فالظاهر أنه أمر بالأخذ عنهم في الوقت الذي صدر فيه ذلك القول ، ولا يلزم من ذلك أن لا يكون أحد في ذلك الوقت شاركهم في حفظ القرآن ، بل كان الذين يحفظون مثل الذين حفظوه وأزيد منهم جماعة من الصحابة ، وقد تقدم في غزوة بئر معونة أن الذين قتلوا بها من الصحابة كان يقال لهم : القراء وكانوا سبعين رجلا .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية