الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا

                                                                                                                                                                                                        4753 حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال حدثني إبراهيم عن علقمة وعبد الرحمن بن يزيد عن أبي مسعود الأنصاري قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه [ ص: 706 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 706 ] قوله : ( باب من لم ير بأسا أن يقول : سورة البقرة وسورة كذا وكذا ) أشار بذلك إلى الرد على من كره ذلك وقال : لا يقال إلا السورة التي يذكر فيها كذا ، وقد تقدم في الحج من طريق الأعمش أنه سمع الحجاج بن يوسف على المنبر يقول : السورة التي يذكر فيها كذا ، وأنه رد عليه بحديث أبي مسعود ، قال عياض : حديث أبي مسعود حجة في جواز قول : سورة البقرة ونحوها ، وقد اختلف في هذا فأجازه بعضهم وكرهه بعضهم وقال : تقول : السورة التي تذكر فيها البقرة . قلت : وقد تقدم في أبواب الرمي من كتاب الحج أن إبراهيم النخعي أنكر قول الحجاج لا تقولوا سورة البقرة ، وفي رواية مسلم أنها سنة ، وأورد حديث أبي مسعود ، وأقوى من هذا في الحجة ما أورد المصنف من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاءت فيه أحاديث كثيرة صحيحة من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال النووي في " الأذكار " : يجوز أن يقول : سورة البقرة - إلى أن قال - : وسورة العنكبوت وكذلك الباقي ولا كراهة في ذلك . وقال بعض السلف : يكره ذلك ، والصواب الأول ، وهو قول الجماهير ، والأحاديث فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من أن تحصر ، وكذلك عن الصحابة فمن بعدهم . قلت : وقد جاء فيما يوافق ما ذهب إليه البعض المشار إليه حديث مرفوع عن أنس رفعه : لا تقولوا : سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله " أخرجه " أبو الحسين بن قانع في فوائده " والطبراني " في الأوسط " ، وفي سنده عبيس بن ميمون العطار وهو ضعيف . وأورد ابن الجوزي في " الموضوعات " ونقل عن أحمد أنه قال : هو حديث منكر . قلت : وقد تقدم في " باب تأليف القرآن " حديث يزيد الفارسي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا " قال ابن كثير في تفسيره : ولا شك أن ذلك أحوط ، ولكن استقر الإجماع على الجواز في المصاحف والتفاسير قلت : وقد تمسك بالاحتياط المذكور جماعة من المفسرين منهم أبو محمد بن أبي حاتم ومن المتقدمين الكلبي وعبد الرزاق ، ونقله القرطبي في تفسيره عن الحكيم الترمذي أن من حرمة القرآن أن لا يقال : سورة كذا كقولك : سورة البقرة وسورة النحل وسورة النساء ، وإنما يقال : السورة التي يذكر فيها كذا . وتعقبه القرطبي بأن حديث أبي مسعود يعارضه ، ويمكن أن يقال : لا معارضة مع إمكان ، فيكون حديث أبي مسعود ومن وافقه دالا على الجواز ، وحديث أنس إن ثبت محمول على أنه خلاف الأولى والله أعلم . ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث تشهد لما ترجم له :

                                                                                                                                                                                                        أحدها : حديث أبي مسعود في الآيتين من آخر سورة البقرة ، وقد تقدم شرحه قريبا .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية