الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب العزل

                                                                                                                                                                                                        4911 حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال كنا نعزل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال عمرو أخبرني عطاء سمع جابرا رضي الله عنه قال كنا نعزل والقرآن ينزل وعن عمرو عن عطاء عن جابر قال كنا نعزل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل [ ص: 216 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 216 ] قوله ( باب العزل ) أي النزع بعد الإيلاج لينزل خارج الفرج ، والمراد هنا بيان حكمه وذكر فيه حديثين . الأول حديث جابر .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( يحيى بن سعيد ) هو القطان .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( عن ابن جريج عن عطاء عن جابر : كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) في رواية أحمد عن ابن يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن عطاء أنه " سمع جابرا سئل عن العزل فقال : كنا نصنعه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان ) هو ابن عيينة " قال قال عمرو ) هو ابن دينار " أخبرني عطاء أنه سمع جابرا يقول ) هذا مما نزل فيه عمرو بن دينار ، فإنه سمع الكثير من جابر نفسه ; ثم أدخل في هذا بينهما واسطة ، وقد تواردت الروايات من أصحاب سفيان على ذلك إلا ما وقع في " مسند أحمد " في النسخ المتأخرة فإنه ليس في الإسناد عطاء ، لكنه أخرجه أبو نعيم من طريق المسند بإثباته وهو المعتمد .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( كنا نعزل والقرآن ينزل ، وعن عمرو عن عطاء عن جابر كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل ) وقع في رواية الكشميهني " كان يعزل " بضم أوله وفتح الزاي على البناء للمجهول ، وكأن ابن عيينة حدث به مرتين : فمرة ذكر فيها الأخبار والسماع فلم يقل فيها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومرة ذكره بالعنعنة فذكرها ، وقد أخرجه الإسماعيلي من طرق عن سفيان صرح فيها بالتحديث قال " حدثنا عمرو بن دينار " وزاد ابن أبي عمر في روايته عن سفيان " على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " وزاد إبراهيم بن موسى في روايته عن سفيان أنه قال حين روى هذا الحديث " أي لو كان حراما لنزل فيه " وقد أخرج مسلم هذه الزيادة عن إسحاق بن راهويه عن سفيان فساقه بلفظ " كنا نعزل والقرآن ينزل " قال سفيان : لو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن ، فهذا ظاهر في أن سفيان قاله استنباطا ، وأوهم كلام صاحب " العمدة " ومن تبعه أن هذه الزيادة من نفس الحديث فأدرجها ، وليس الأمر كذلك فإني تتبعته من المسانيد فوجدت أكثر رواته عن سفيان لا يذكرون هذه الزيادة ، وشرحه ابن دقيق العيد على ما وقع في " العمدة " فقال : استدلال جابر بالتقرير من الله غريب ، ويمكن أن يكون استدل بتقرير الرسول لكنه مشروط بعلمه بذلك انتهى . ويكفي في علمه به قول الصحابي إنه فعله في عهده ، والمسألة مشهورة في الأصول وفي علم الحديث وهي أن الصحابي إذا أضافه إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان له حكم الرفع عند الأكثر ، لأن الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وأقره لتوفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الأحكام ، وإذا لم يضفه فله حكم الرفع عند قوم ، وهذا من الأول فإن جابرا صرح بوقوعه في عهده صلى الله عليه وسلم وقد وردت عدة طرق تصرح باطلاعه على ذلك ، والذي يظهر لي أن الذي استنبط ذلك سواء كان هو جابرا أو سفيان أراد بنزول القرآن ما يقرأ ، أعم من المتعبد بتلاوته أو غيره مما يوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فكأنه يقول : فعلناه في زمن التشريع ولو كان حراما لم نقر عليه ، وإلى ذلك يشير قول ابن عمر " كنا نتقي الكلام والانبساط إلى نسائنا هـيبة أن ينزل فينا شيء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم تكلمنا وانبسطنا " أخرجه البخاري . وقد أخرجه مسلم أيضا من طريق أبي الزبير عن جابر قال " كنا نعزل على عهد [ ص: 217 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا " ومن وجه آخر عن أبي الزبير عن جابر " أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي جارية وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل ، فقال : اعزل عنها إن شئت ، فإنه سيأتيها ما قدر لها . فلبث الرجل ثم أتاه فقال : إن الجارية قد حبلت ، قال : قد أخبرتك " ووقعت هذه القصة عنده من طريق سفيان بن عيينة بإسناد له آخر إلى جابر وفي آخره " فقال أنا عبد الله ورسوله " وأخرجه أحمد وابن ماجه وابن أبي شيبة بسند آخر على شرط الشيخين بمعناه ، ففي هذه الطرق ما أغنى عن الاستنباط ، فإن في إحداها التصريح باطلاعه صلى الله عليه وسلم وفي الأخرى إذنه في ذلك وإن كان السياق يشعر بأنه خلاف الأولى كما سأذكر البحث فيه . الحديث الثاني حديث أبي سعيد .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية