الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                761 حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم قال وذلك في رمضان

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس ) وذكر الحديث . ففيه : جواز النافلة جماعة ، ولكن الاختيار فيها الانفراد إلا في نوافل مخصوصة وهي : العيد والكسوف والاستسقاء وكذا التراويح عند الجمهور كما سبق . وفيه : جواز النافلة في المسجد وإن كان البيت [ ص: 380 ] أفضل ، ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما فعلها في المسجد لبيان الجواز ، وأنه كان معتكفا . وفيه : جواز الاقتداء بمن لم ينو إمامته ، وهذا صحيح على المشهور من مذهبنا ومذهب العلماء ، ولكن إن نوى الإمام إمامتهم بعد اقتدائهم حصلت فضيلة الجماعة له ولهم ، وإن لم ينوها حصلت لهم فضيلة الجماعة ولا يحصل للإمام على الأصح ؛ لأنه لم ينوها والأعمال بالنيات ، وأما المأمومون فقد نووها .

                                                                                                                وفيه : إذا تعارضت مصلحة وخوف مفسدة أو مصلحتان اعتبر أهمهما ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رأى الصلاة في المسجد مصلحة لما ذكرناه ، فلما عارضه خوف الافتراض عليهم تركه لعظم المفسدة التي تخاف من عجزهم وتركهم للفرض . وفيه : أن الإمام وكبير القوم إذا فعل شيئا خلاف ما يتوقعه أتباعه وكان له فيه عذر يذكره لهم تطييبا لقلوبهم وإصلاحا لذات البين ؛ لئلا يظنوا خلاف هذا وربما ظنوا ظن السوء . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية