الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته

                                                                                                                1106 حدثني علي بن حجر حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل إحدى نسائه وهو صائم ثم تضحك

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                ( باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة

                                                                                                                على من لم تحرك شهوته )

                                                                                                                قال الشافعي والأصحاب : القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته ، لكن الأولى له تركها ، ولا يقال : إنها مكروهة له ، وإنما قالوا : إنها خلاف الأولى في حقه ، مع ثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعلها ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يؤمن في حقه مجاوزة حد القبلة ، ويخاف على غيره مجاوزتها ، كما قالت عائشة : ( كان أملككم لإربه ) وأما من حركت شهوته فهي حرام في حقه على الأصح عند أصحابنا ، وقيل : مكروهة كراهة تنزيه . قال القاضي : قد قال بإباحتها للصائم مطلقا جماعة من الصحابة والتابعين وأحمد وإسحاق وداود ، وكرهها على الإطلاق مالك ، وقال ابن عباس وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي : تكره للشاب دون الشيخ الكبير ، وهي رواية عن مالك ، وروى ابن وهب عن مالك - رحمه الله - إباحتها في صوم النفل دون الفرض ، ولا خلاف أنها لا تبطل الصوم إلا أن ينزل المني بالقبلة ، واحتجوا له بالحديث المشهور في السنن ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " أرأيت لو تمضمضت " ومعنى الحديث : أن المضمضة مقدمة الشرب ، وقد علمتم أنها لا تفطر ، وكذا القبلة مقدمة للجماع ، فلا تفطر .

                                                                                                                وحكى الخطابي وغيره عن ابن مسعود وسعيد بن المسيب : أن من قبل قضى يوما مكان يوم القبلة .

                                                                                                                قوله : ( عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل إحدى نسائه وهو صائم ، ثم تضحك ) قال [ ص: 176 ] القاضي : قيل : يحتمل ضحكها التعجب ممن خالف في هذا ، وقيل : التعجب من نفسها حيث جاءت بمثل هذا الحديث الذي يستحي من ذكره ، لا سيما حديث المرأة به عن نفسها للرجال ، لكنها اضطرت إلى ذكره لتبليغ الحديث والعلم فتتعجب من ضرورة الحال المضطرة لها إلى ذلك ، وقيل : ضحكت سرورا بتذكر مكانها من النبي صلى الله عليه وسلم وحالها معه وملاطفته لها . قال القاضي : ويحتمل أنها ضحكت تنبيها على أنها صاحبة القصة ليكون أبلغ في الثقة بحديثها .




                                                                                                                الخدمات العلمية