الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1162 وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي وقتيبة بن سعيد جميعا عن حماد قال يحيى أخبرنا حماد بن زيد عن غيلان عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال كيف تصوم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه قال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله فجعل عمر رضي الله عنه يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه فقال عمر يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله قال لا صام ولا أفطر أو قال لم يصم ولم يفطر قال كيف من يصوم يومين ويفطر يوما قال ويطيق ذلك أحد قال كيف من يصوم يوما ويفطر يوما قال ذاك صوم داود عليه السلام قال كيف من يصوم يوما ويفطر يومين قال وددت أني طوقت ذلك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( عن عبد الله بن معبد الزماني ) هو بزاي مكسورة ثم ميم مشددة .

                                                                                                                قوله : ( عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كيف تصوم ) ؟ هكذا هو في معظم النسخ ( عن أبي قتادة رجل أتى ) وعلى هذا يقرأ رجل بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي الشأن والأمر رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ، وقد أصلح في بعض النسخ ( أن رجلا أتى ) وكان موجب هذا الإصلاح جهالة انتظام الأول ، وهو منتظم كما ذكرته ، فلا يجوز تغييره . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كيف تصوم ؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال العلماء : سبب [ ص: 234 ] غضبه صلى الله عليه وسلم أنه كره مسألته ؛ لأنه يحتاج إلى أن يجيبه ويخشى من جوابه مفسدة ، وهي أنه ربما اعتقد السائل وجوبه أو استقله أو اقتصر عليه ، وكان يقتضي حاله أكثر منه ، وإنما اقتصر عليه النبي صلى الله عليه وسلم لشغله بمصالح المسلمين وحقوقهم وحقوق أزواجه وأضيافه والوافدين إليه ، لئلا يقتدي به كل أحد فيؤدي إلى الضرر في حق بعضهم ، وكان حق السائل أن يقول : كم أصوم أو كيف أصوم ؟ فيخص السؤال بنفسه ليجيبه بما تقتضيه حاله ، كما أجاب غيره بمقتضى أحوالهم . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( كيف من يصوم يوما ويفطر يومين ؟ قال : وددت أني طوقت ذاك ) قال القاضي : قيل : معناه : وددت أن أمتي تطوقه ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيقه وأكثر منه ، وكان يواصل ويقول : إني لست كأحدكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ، قلت : ويؤيد هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية : ليت أن الله قوانا لذلك ، أو يقال : إنما قاله لحقوق نسائه وغيرهن من المسلمين المتعلقين به والقاصدين إليه .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ، والسنة التي بعده ) معناه : يكفر ذنوب صائمه في السنتين ، قالوا : والمراد بها الصغائر ، وسبق بيان مثل هذا في تكفير الخطايا بالوضوء ، وذكرنا هناك أنه إن لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر ، فإن لم يكن رفعت درجات .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم في صيام الدهر : ( لا صام ولا أفطر ) قد سبق بيانه .




                                                                                                                الخدمات العلمية