الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1211 حدثني سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الغيلاني حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال ما يبكيك فقلت والله لوددت أني لم أكن خرجت العام قال ما لك لعلك نفست قلت نعم قال هذا شيء كتبه الله على بنات آدم افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري قالت فلما قدمت مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه اجعلوها عمرة فأحل الناس إلا من كان معه الهدي قالت فكان الهدي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة ثم أهلوا حين راحوا قالت فلما كان يوم النحر طهرت فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضت قالت فأتينا بلحم بقر فقلت ما هذا فقالوا أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر فلما كانت ليلة الحصبة قلت يا رسول الله يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة قالت فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله قالت فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السن أنعس فيصيب وجهي مؤخرة الرحل حتى جئنا إلى التنعيم فأهللت منها بعمرة جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا وحدثني أبو أيوب الغيلاني حدثنا بهز حدثنا حماد عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت لبينا بالحج حتى إذا كنا بسرف حضت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي وساق الحديث بنحو حديث الماجشون غير أن حمادا ليس في حديثه فكان الهدي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة ثم أهلوا حين راحوا ولا قولها وأنا جارية حديثة السن أنعس فيصيب وجهي مؤخرة الرحل [ ص: 311 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 311 ] قولها : ( فطمثت ) هو بفتح الطاء وكسر الميم أي حضت ، يقال : حاضت المرأة وتحيضت ، وطمثت وعركت بفتح الراء ، ونفست وضحكت وأعصرت وأكبرت ، كله بمعنى واحد ، والاسم منه الحيض والطمس والعراك والضحك والإكبار والإعصار ، وهي حائض ، وحائضة في لغة غريبة ، حكاها الفراء ، وطامث وعارك ومكبر ومعصر .

                                                                                                                وفي هذه الأحاديث جواز حج الرجل بامرأته ، وهو مشروع بالإجماع ، وأجمعوا على أن الحج يجب على المرأة إذا استطاعته . واختلف السلف هل المحرم لها من شروط الاستطاعة ؟ وأجمعوا على أن لزوجها أن يمنعها من حج التطوع ، وأما حج الفرض فقال جمهور العلماء : ليس له منعها بشيء .

                                                                                                                [ ص: 312 ] وللشافعي قولان : أحدهما : لا يمنعها منه ، كما قال الجمهور ، وأصحهما : له منعها ، لأن حقه على الفور ، والحج على التراخي ، قال أصحابنا : ويستحب له أن يحج بزوجته ، للأحاديث الصحيحة فيه .

                                                                                                                قولها : ( ثم أهلوا حين راحوا ) يعني الذين تحللوا بعمرة وأهلوا بالحج حين راحوا إلى منى ، وذلك يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة . وفيه دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه أن الأفضل فيمن هو بمكة أن [ ص: 313 ] يحرم بالحج يوم التروية ، ولا يقدمه عليه ، وقد سبقت المسألة .

                                                                                                                قولها : ( أنعس ) هو بضم العين .

                                                                                                                قولها : ( فأهللت منها بعمرة جزاء بعمرة الناس ) أي تقوم مقام عمرة الناس وتكفيني عنها .




                                                                                                                الخدمات العلمية