الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب بيان جواز التحلل بالإحصار وجواز القران

                                                                                                                1230 وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما خرج في الفتنة معتمرا وقال إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فأهل بعمرة وسار حتى إذا ظهر على البيداء التفت إلى أصحابه فقال ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة فخرج حتى إذا جاء البيت طاف به سبعا وبين الصفا والمروة سبعا لم يزد عليه ورأى أنه مجزئ عنه وأهدى [ ص: 363 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 363 ] قوله : ( عن نافع أن عبد الله بن عمر خرج في الفتنة معتمرا وقال : إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج فأهل بعمرة وسار حتى إذا ظهر على البيداء التفت إلى أصحابه فقال : ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة ، فخرج حتى إذا جاء البيت طاف سبعا ، وبين الصفا والمروة سبعا ، لم يزد ، ورأى أنه مجزئ عنه وأهدى ) .

                                                                                                                في هذا الحديث جواز القران ، وجواز إدخال الحج على العمرة قبل الطواف ، وهو مذهبنا ومذهب جماهير العلماء ، وسبق بيان المسألة ، وفيه جواز التحلل بالإحصار .

                                                                                                                وأما قوله : ( أشهدكم ) فإنما قاله ليعلمه من أراد الاقتداء به ، فلهذا قال : ( أشهدكم ) ، ولم يكتف بالنية مع أنها كافية في صحة الإحرام .

                                                                                                                وقوله : ( ما أمرهما إلا واحد ) يعني في جواز التحلل منهما بالإحصار ، وفيه صحة القياس والعمل به ، وأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستعملونه ، فلهذا قاس الحج على العمرة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تحلل من الإحصار عام الحديبية من إحرامه بالعمرة وحدها . وفيه أن القارن يقتصر على طواف واحد [ ص: 364 ] وسعي واحد هو مذهبنا ومذهب الجمهور ، وخالف فيه أبو حنيفة وطائفة وسبقت المسألة .

                                                                                                                وأما قوله : ( صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فأهل بعمرة ) فالصواب في معناه أنه أراد إن صددت وحصرت تحللت كما تحللنا عام الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم . وقال القاضي : يحتمل أنه أراد أهل بعمرة كما أهل النبي صلى الله عليه وسلم بعمرة في العام الذي أحصر . قال : ويحتمل أنه أراد الأمرين . قال : وهو الأظهر . وليس هو بظاهر كما ادعاه ، بل الصحيح الذي يقتضيه سياق كلامه ما قدمناه والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية