الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1298 وحدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل عن زيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن حصين عن جدته أم الحصين قال سمعتها تقول حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا كثيرا ثم سمعته يقول إن أمر عليكم عبد مجدع حسبتها قالت أسود يقودكم بكتاب الله تعالى فاسمعوا له وأطيعوا

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قولها : ( حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة ، أحدهما يقود به راحلته ، والآخر يرفع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس ) فيه : جواز تسميتها حجة الوداع ، وقد سبق أن من الناس من أنكر ذلك وكرهه ، وهو غلط ، وسبق بيان إبطاله . وفيه الرمي راكبا كما سبق . وفيه : جواز تظليل المحرم على رأسه بثوب وغيره ، وهو مذهبنا ومذهب جماهير العلماء ، سواء كان راكبا أو نازلا ، وقال مالك وأحمد : لا يجوز ، وإن فعل لزمته الفدية .

                                                                                                                وعن أحمد رواية : أنه لا فدية ، وأجمعوا على أنه لو قعد تحت خيمة أو سقف جاز ، ووافقونا على أنه إذا كان الزمان يسيرا في المحمل لا فدية ، وكذا لو استظل بيده ، وقد يحتجون بحديث عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة قال : صحبت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فما رأيته مضربا فسطاطا حتى رجع . رواه الشافعي والبيهقي بإسناد حسن .

                                                                                                                وعن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه أبصر رجلا على بعيره وهو محرم قد استظل بينه وبين الشمس فقال : أضح لمن أحرمت له . رواه البيهقي بإسناد صحيح .

                                                                                                                وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من محرم يضحي للشمس حتى تغرب إلا غربت بذنوبه حتى يعود كما ولدته أمه ) .

                                                                                                                [ ص: 421 ] رواه البيهقي وضعفه . واحتج الجمهور بحديث أم الحصين ، وهذا المذكور في مسلم ، ولأنهلأنه لا يسمى لبسا .

                                                                                                                وأما حديث جابر فضعيف كما ذكرنا مع أنه ليس فيه نهي ، وكذا فعل عمر ، وقول ابن عمر ليس فيه نهي ولو كان فحديث أم الحصين مقدم عليه . والله أعلم .

                                                                                                                قولها : ( سمعته يقول إن أمر عليكم عبد مجدع حسبتها قالت : أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا وأطيعوا ) المجدع بفتح الجيم والدال المهملة المشددة ، و ( الجدع ) القطع من أصل العضو ، ومقصوده : التنبيه على نهاية خسته ، فإن العبد خسيس في العادة ، ثم سواده نقص آخر ، وجدعه نقص آخر ، وفي الحديث الآخر : كأن رأسه زبيبة ومن هذه الصفات مجموعة فيه فهو في نهاية الخسة ، والعادة أن يكون ممتهنا في أرذل الأعمال ، فأمر صلى الله عليه وسلم بطاعة ولي الأمر ولو كان بهذه الخساسة ما دام يقودنا بكتاب الله تعالى ، قال العلماء : معناه ما داموا متمسكين بالإسلام والدعاء إلى كتاب الله تعالى على أي حال كانوا في أنفسهم وأديانهم وأخلاقهم ، ولا يشق عليهم العصا ، بل إذا ظهرت منهم المنكرات وعظوا وذكروا ، فإن قيل : كيف يؤمر بالسمع والطاعة للعبد مع أن شرط الخليفة كونه قرشيا ؟ فالجواب من وجهين : أحدهما أن المراد بعض الولاة الذين يوليهم الخليفة ونوابه ، لا أن الخليفة يكون عبدا ،

                                                                                                                والثاني : أن المراد لو قهر عبد مسلم واستولى بالقهر نفذت أحكامه ، ووجبت طاعته ، ولم يجز شق العصا عليه . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية