الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1383 حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أقلني بيعتي فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى فخرج الأعرابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( أن أعرابيا بايع النبي صلى الله عليه وسلم فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أقلني بيعتي ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جاءه فقال : أقلني بيعتي ، فأبى ، ثم جاءه فقال : أقلني بيعتي ، فأبى ، فخرج الأعرابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما المدينة كالكير تنفي خبثها ) ، قال العلماء : إنما لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم بيعته لأنه ؛ لأنه لا يجوز لمن أسلم أن يترك الإسلام ، ولا لمن هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم للمقام عنده أن يترك الهجرة ويذهب إلى وطنه أو غيره ، قالوا : وهذا الأعرابي كان ممن هاجر وبايع النبي صلى الله عليه وسلم على المقام معه ، قال القاضي : ويحتمل أن بيعة هذا الأعرابي كانت بعد فتح مكة وسقوط الهجرة إليه صلى الله عليه وسلم ، وإنما بايع على الإسلام ، وطلب الإقالة منه فلم يقله ، والصحيح الأول . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( فأصاب الأعرابي وعك ) هو بفتح العين وهو مغث الحمى وألمها ، ووعك كل شيء معظمه وشدته .

                                                                                                                [ ص: 508 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها ) هو بفتح الياء والصاد المهملة ، أي : يصفو ويخلص ويتميز ، والناصع : الصافي الخالص ، ومنه قولهم : ناصع اللون ، أي : صافيه وخالصه ، ومعنى الحديث : أنه يخرج من المدينة من لم يخلص إيمانه ، ويبقى فيها من خلص إيمانه ، قال أهل اللغة : يقال نصع الشيء ينصع بفتح الصاد فيهما نصوعا إذا خلص ووضح ، والناصع : الخالص من كل شيء .




                                                                                                                الخدمات العلمية