الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان القاصد مهدر الدم في حقه وإن قتل كان في النار وأن من قتل دون ماله فهو شهيد

                                                                                                                140 حدثني أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا خالد يعني ابن مخلد حدثنا محمد بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي قال فلا تعطه مالك قال أرأيت إن قاتلني قال قاتله قال أرأيت إن قتلني قال فأنت شهيد قال أرأيت إن قتلته قال هو في النار

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق ( كان القاصد مهدر الدم في حقه وإن قتل كان في النار ) ( وأن من قتل دون ماله فهو شهيد )

                                                                                                                فيه ( أن رجلا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال : فلا تعطه مالك . قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال : قاتله . قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : فأنت شهيد . قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : هو في النار ) .

                                                                                                                أما ألفاظ الباب فالشهيد قال النضر بن شميل : سمي بذلك لأنه حي لأن أرواحهم شهدت دار السلام وأرواح غيرهم لا تشهدها إلا يوم القيامة . وقال ابن الأنباري : لأن الله تعالى وملائكته عليهم [ ص: 324 ] السلام يشهدون له بالجنة . فمعنى شهيد مشهود له . وقيل : سمي شهيدا لأنه يشهد عند خروج روحه ما له من الثواب والكرامة وقيل : لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه وقيل : لأنه شهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله . وقيل لأن عليه شاهدا يشهد بكونه شهيدا وهو دمه فإنه يبعث وجرحه يثعب دما . وحكى الأزهري وغيره قولا آخر أنه سمي شهيدا لكونه ممن يشهد يوم القيامة على الأمم ، وعلى هذا القول لا اختصاص له بهذا السبب . واعلم أن الشهيد ثلاثة أقسام أحدها المقتول في حرب بسبب من أسباب القتال فهذا له حكم الشهداء في ثواب الآخرة وفي أحكام الدنيا وهو أنه لا يغسل ولا يصلى عليه . والثاني شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا وهو المبطون ، والمطعون ، وصاحب الهدم ، ومن قتل دون ماله ، وغيرهم ممن جاءت الأحاديث الصحيحة بتسميته شهيدا فهذا يغسل ويصلى عليه وله في الآخرة ثواب الشهداء ، ولا يلزم أن يكون مثل ثواب الأول . والثالث من غل في الغنيمة وشبهه من وردت الآثار بنفي تسميته شهيدا إذا قتل في حرب الكفار فهذا له حكم الشهداء في الدنيا فلا يغسل ، ولا يصلى عليه ، وليس له ثوابهم الكامل في الآخرة . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية