الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1579 حدثنا سويد بن سعيد حدثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة رجل من أهل مصر أنه جاء عبد الله بن عباس ح وحدثنا أبو الطاهر واللفظ له أخبرنا ابن وهب أخبرني مالك بن أنس وغيره عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة السبإي من أهل مصر أنه سأل عبد الله بن عباس عما يعصر من العنب فقال ابن عباس إن رجلا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل علمت أن الله قد حرمها قال لا فسار إنسانا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بم ساررته فقال أمرته ببيعها فقال إن الذي حرم شربها حرم بيعها قال ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها حدثني أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب أخبرني سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن وعلة عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( عن عبد الرحمن بن وعلة السبئي ) هو بسين مهملة مفتوحة ثم باء موحدة ثم همزة [ ص: 191 ] منسوب إلى سبأ ، وأما ( وعلة ) فبفتح الواو وإسكان العين المهملة ، وسبق بيانه في آخر كتاب الطهارة في حديث الدباغ .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم للذي أهدى إليه الخمر : ( هل علمت أن الله قد حرمها ؟ قال : لا ) لعل السؤال كان ليعرف حاله ، فإن كان عالما بتحريمها أنكر عليه هديتها وإمساكها وحملها على ذلك ، فلما أخبره أنه كان جاهلا بذلك عذره . والظاهر أن هذه القضية كانت على قرب تحريم الخمر قبل اشتهار ذلك ، وفي هذا أن من ارتكب معصية جاهلا تحريمها لا إثم عليه ولا تعزير .

                                                                                                                قوله : ( فسار إنسانا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بم ساررته ؟ فقال : أمرته ببيعها ) المسارر الذي خاطبه النبي صلى الله عليه وسلم هو الرجل الذي أهدى الراوية ، كذا جاء مبينا في غير هذه الرواية ، وأنه رجل من دوس . قال القاضي : وغلط بعض الشارحين فظن أنه رجل آخر ، وفيه دليل لجواز سؤال الإنسان عن بعض أسرار الإنسان فإن كان مما يجب كتمانه كتمه وإلا فيذكره .

                                                                                                                قوله : ( ففتح المزاد ) هكذا وقع في أكثر النسخ ( المزاد ) بحذف الهاء في آخرها ، وفي بعضها : ( المزادة ) بالهاء ، وقال في أول الحديث : أهدى راوية وهي هي ، قال أبو عبيد : هما بمعنى ، وقال ابن السكيت : إنما يقال لها : مزادة ، وأما الراوية : فاسم للبعير خاصة ، والمختار قول أبي عبيد ، وهذا الحديث يدل لأبي عبيد فإنه سماها راوية ومزادة ، قالوا : سميت راوية لأنها تروي صاحبها ومن معه ، والمزادة لأنه يتزود فيها الماء في السفر وغيره ، وقيل : لأنه يزاد فيها جلد ليتسع ، وفي قوله : ( ففتح المزاد ) دليل لمذهب الشافعي والجمهور أن أواني الخمر لا تكسر ولا تشق ، بل يراق ما فيها . وعن مالك روايتان إحداهما كالجمهور ، والثانية يكسر الإناء ، ويشق السقاء ، وهذا ضعيف لا أصل له ، وأما حديث أبي طلحة أنهم كسروا الدنان فإنما فعلوا ذلك بأنفسهم من غير أمر النبي صلى الله عليه وسلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية