الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب السلم

                                                                                                                1604 حدثنا يحيى بن يحيى وعمرو الناقد واللفظ ليحيى قال عمرو حدثنا وقال يحيى أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                باب السلم

                                                                                                                قال أهل اللغة : يقال : السلم والسلف وأسلم وسلم وأسلف وسلف ، ويكون السلف أيضا قرضا ، ويقال : استسلف . قال أصحابنا : ويشترك السلم والقرض في أن كلا منهما إثبات مال في الذمة بمبذول في الحال ، وذكروا في حد السلم عبارات ، أحسنها : أنه عقد على موصوف في الذمة ، ببذل يعطى عاجلا . سمي سلما لتسليم رأس المال في المجلس ، وسمي سلفا لتقديم رأس المال ، وأجمع المسلمون على جواز السلم .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : من سلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم فيه جواز السلم ، وأنه يشترط أن يكون قدره معلوما بكيل أو وزن أو غيرهما مما يضبط به ، فإن كان مذروعا كالثوب ، اشترط ذكر ذرعان معلومة ، وإن كان معدودا كالحيوان ، اشترط ذكر عدد معلوم . ومعنى الحديث أنه إن أسلم في مكيل فليكن كيله معلوما ، وإن كان في موزون فليكن وزنا معلوما ، وإن كان مؤجلا فليكن أجله معلوما . ولا يلزم من هذا اشتراط كون السلم مؤجلا ، بل يجوز حالا ; لأنه إذا جاز مؤجلا مع الغرر فجواز الحال أولى ; لأنه أبعد من الغرر ، وليس ذكر الأجل في الحديث لاشتراط الأجل ، بل معناه : إن كان أجل فليكن معلوما ، كما أن الكيل ليس بشرط ، بل يجوز السلم في الثياب بالذرع ، وإنما ذكر الكيل بمعنى أنه إن أسلم في مكيل فليكن كيلا معلوما أو في موزون فليكن وزنا معلوما . وقد اختلف العلماء في جواز السلم الحال مع إجماعهم على جواز المؤجل ، فجوز الحال الشافعي وآخرون ، ومنعه مالك وأبو حنيفة وآخرون ، وأجمعوا على اشتراط وصفه بما يضبط به .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : من سلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم هكذا هو في أكثر [ ص: 219 ] الأصول ( تمر ) بالمثناة ، وفي بعضها : ( ثمر ) بالمثلثة ، وهو أعم ، وهكذا في جميع النسخ . و وزن معلوم ، بالواو لا ( بأو ) ومعناه : إن أسلم كيلا أو وزنا ، فليكن معلوما . وفيه دليل لجواز السلم في المكيل وزنا وهو جائز بلا خلاف . وفي جواز السلم في الموزون كيلا وجهان لأصحابنا أصحهما : جوازه كعكسه .




                                                                                                                الخدمات العلمية