الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1679 حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال لما كان ذلك اليوم قعد على بعيره وأخذ إنسان بخطامه فقال أتدرون أي يوم هذا قالوا الله ورسوله أعلم حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه فقال أليس بيوم النحر قلنا بلى يا رسول الله قال فأي شهر هذا قلنا الله ورسوله أعلم قال أليس بذي الحجة قلنا بلى يا رسول الله قال فأي بلد هذا قلنا الله ورسوله أعلم قال حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال أليس بالبلدة قلنا بلى يا رسول الله قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا فليبلغ الشاهد الغائب قال ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا حدثنا محمد بن المثنى حدثنا حماد بن مسعدة عن ابن عون قال قال محمد قال عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال لما كان ذلك اليوم جلس النبي صلى الله عليه وسلم على بعير قال ورجل آخذ بزمامه أو قال بخطامه فذكر نحو حديث يزيد بن زريع حدثني محمد بن حاتم بن ميمون حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا قرة بن خالد حدثنا محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة وعن رجل آخر هو في نفسي أفضل من عبد الرحمن بن أبي بكرة وحدثنا محمد بن عمرو بن جبلة وأحمد بن خراش قالا حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا قرة بإسناد يحيى بن سعيد وسمى الرجل حميد بن عبد الرحمن عن أبي بكرة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال أي يوم هذا وساقوا الحديث بمثل حديث ابن عون غير أنه لا يذكر وأعراضكم ولا يذكر ثم انكفأ إلى كبشين وما بعده وقال في الحديث كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد [ ص: 322 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 322 ] قوله : ( قعد على بعيره وأخذ إنسان بخطامه ) إنما أخذ بخطامه ليصون البعير من الاضطراب على صاحبه ، والتهويش على راكبه ، وفيه دليل على استحباب الخطبة على موضع عال من منبر وغيره ، سواء خطبة الجمعة والعيد وغيرهما ، وحكمته أنه كلما ارتفع كان أبلغ في إسماعه الناس ورؤيتهم إياه ، ووقوع كلامه في نفوسهم .

                                                                                                                قوله : ( انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا ) انكفأ بهمز آخره ، أي : انقلب ، والأملح : هو الذي فيه بياض وسواد والبياض أكثر ، وقوله : ( جزيعة ) بضم الجيم وفتح الزاي ، ورواه بعضهم ( جزيعة ) بفتح الجيم وكسر الزاي وكلاهما صحيح ، والأول هو المشهور في رواية المحدثين ، وهو الذي ضبطه الجوهري وغيره من أهل اللغة ، وهي القطعة من الغنم ، تصغير جزعة بكسر الجيم ، وهي القليل من الشيء ، يقال جزع له من ماله أي : قطع ، وبالثاني ضبطه ابن فارس في المجمل ، قال : وهي القطعة من الغنم ، كأنها فعيلة بمعنى مفعولة كضفيرة بمعنى مضفورة ، قال القاضي : قال الدارقطني : قوله : ( ثم انكفأ ) إلى آخر الحديث ، وهم من ابن عون فيما قيل ، وإنما رواه ابن سيرين عن أنس فأدرجه ابن عون هنا في هذا الحديث ، فرواه عن ابن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال القاضي : وقد روى البخاري هذا الحديث عن ابن عون ، فلم يذكر فيه هذا الكلام فلعله تركه عمدا ، وقد رواه أيوب عن ابن سيرين في كتاب مسلم في هذا الباب ، ولم يذكروا فيه هذه الزيادة ، قال القاضي : والأشبه أن هذه الزيادة إنما هي في حديث آخر في خطبة عيد الأضحى ، فوهم فيها الراوي ، فذكرها مضمومة إلى خطبة الحجة ، أو هما حديثان ضم أحدهما إلى الآخر ، وقد ذكر مسلم هذا بعد هذا في كتاب الضحايا من حديث أيوب وهشام عن ابن سيرين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثم خطب ، فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد ، ثم قال في آخر الحديث : ( فانكفأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كبشين أملحين فذبحهما فقام الناس إلى غنيمة فتوزعوها . فهذا هو الصحيح ، وهو دافع للإشكال .




                                                                                                                الخدمات العلمية