الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1844 حدثنا زهير بن حرب وإسحق بن إبراهيم قال إسحق أخبرنا وقال زهير حدثنا جرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر فدنوت منه فقلت له أنشدك الله آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال سمعته أذناي ووعاه قلبي فقلت له هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله يقول يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما قال فسكت ساعة ثم قال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير وأبو سعيد الأشج قالوا حدثنا وكيع ح وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية كلاهما عن الأعمش بهذا الإسناد نحوه وحدثني محمد بن رافع حدثنا أبو المنذر إسمعيل بن عمر حدثنا يونس بن أبي إسحق الهمداني حدثنا عبد الله بن أبي السفر عن عامر عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة الصائدي قال رأيت جماعة عند الكعبة فذكر نحو حديث الأعمش

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( ومنا من ينتضل ) هو من المناضلة ، وهي المراماة بالنشاب .

                                                                                                                قوله : ( ومنا من هو في جشره ) هو بفتح الجيم والشين ، وهي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها .

                                                                                                                [ ص: 544 ] قوله : ( الصلاة جامعة ) هو بنصب الصلاة على الإغراء ، وجامعة على الحال .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا ) هذه اللفظة رويت على أوجه : أحدها وهو الذي نقله القاضي عن جمهور الرواة : ( يرقق ) بضم الياء وفتح الراء ، وبقافين ، أي : يصير بعضها رقيقا ، أي : خفيفا لعظم ما بعده ، فالثاني يجعل الأول رقيقا ، وقيل : معناه يشبه بعضها بعضا ، وقيل : يدور بعضها في بعض ، ويذهب ويجيء ، وقيل : معناه يسوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها ، والوجه الثاني ( فيرفق ) بفتح الياء وإسكان الراء وبعدها فاء مضمومة ، والثالث : ( فيدفق ) بالدال المهملة الساكنة وبالفاء المكسورة أي : يدفع ويصب ، والدفق الصب .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ) هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ، وبديع حكمه ، وهذه قاعدة مهمة فينبغي الاعتناء بها ، وأن الإنسان يلزم ألا يفعل مع الناس إلا ما يحب أن يفعلوه معه .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ) معناه : ادفعوا الثاني ، فإنه خارج على الإمام ، فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فقاتلوه ، فإن دعت المقاتلة إلى قتله جاز قتله ولا ضمان فيه ، لأنه ظالم متعد في قتاله .

                                                                                                                قوله : ( فقلت له : هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله تعالى يقول : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلى آخره ) المقصود بهذا الكلام : أن هذا القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص ، وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول ، وأن الثاني يقتل ، فاعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته عليا [ ص: 545 ] - رضي الله عنه - وكانت قد سبقت بيعة علي فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب علي ومنازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل ، ومن قتل النفس ، لأنه قتال بغير حق ، فلا يستحق أحد مالا في مقاتلته .

                                                                                                                قوله : ( أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله ) هذا فيه دليل لوجوب طاعة المتولين للإمامة بالقهر من غير إجماع ولا عهد .

                                                                                                                قوله : ( عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة الصائدي ) هكذا هو في جميع النسخ بالصاد والدال المهملة ، وكذا نقله القاضي عياض عن جميع النسخ ، وقال : وهو غلط ، وصوابه ( العائذي ) بالعين والذال المعجمة ، قاله ابن الحباب النسابة هذا كلام القاضي . وقد ذكره البخاري في تاريخه والسمعاني في الأنساب فقال : هو ( الصائدي ) ولم يذكرا غير ذلك ، فقد اجتمع مسلم والبخاري والسمعاني على ( الصائدي ) قال السمعاني : هو منسوب إلى ( صائد ) بطن من همدان ، قال : وصائد اسم كعب بن شرحبيل بن شراحيل بن عمرو بن حشم بن حاسد بن حشيم بن حوان بن نوف بن همدان بن مالك بن زيد بن سهلان بن سلمة بن ربيعة بن أحبار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ .




                                                                                                                الخدمات العلمية