الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2040 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير ح وحدثنا ابن نمير واللفظ له حدثنا أبي حدثنا سعد بن سعيد حدثني أنس بن مالك قال بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدعوه وقد جعل طعاما قال فأقبلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس فنظر إلي فاستحييت فقلت أجب أبا طلحة فقال للناس قوموا فقال أبو طلحة يا رسول الله إنما صنعت لك شيئا قال فمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا فيها بالبركة ثم قال أدخل نفرا من أصحابي عشرة وقال كلوا وأخرج لهم شيئا من بين أصابعه فأكلوا حتى شبعوا فخرجوا فقال أدخل عشرة فأكلوا حتى شبعوا فما زال يدخل عشرة ويخرج عشرة حتى لم يبق منهم أحد إلا دخل فأكل حتى شبع ثم هيأها فإذا هي مثلها حين أكلوا منها وحدثني سعيد بن يحيى الأموي حدثني أبي حدثنا سعد بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك قال بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق الحديث بنحو حديث ابن نمير غير أنه قال في آخره ثم أخذ ما بقي فجمعه ثم دعا فيه بالبركة قال فعاد كما كان فقال دونكم هذا وحدثني عمرو الناقد حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أنس بن مالك قال أمر أبو طلحة أم سليم أن تصنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما لنفسه خاصة ثم أرسلني إليه وساق الحديث وقال فيه فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده وسمى عليه ثم قال ائذن لعشرة فأذن لهم فدخلوا فقال كلوا وسموا الله فأكلوا حتى فعل ذلك بثمانين رجلا ثم أكل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وأهل البيت وتركوا سؤرا وحدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أنس بن مالك بهذه القصة في طعام أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه فقام أبو طلحة على الباب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله إنما كان شيء يسير قال هلمه فإن الله سيجعل فيه البركة وحدثنا عبد بن حميد حدثنا خالد بن مخلد البجلي حدثني محمد بن موسى حدثني عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث وقال فيه ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل أهل البيت وأفضلوا ما أبلغوا جيرانهم وحدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي قال سمعت جرير بن زيد يحدث عن عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال رأى أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في المسجد يتقلب ظهرا لبطن فأتى أم سليم فقال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في المسجد يتقلب ظهرا لبطن وأظنه جائعا وساق الحديث وقال فيه ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة وأم سليم وأنس بن مالك وفضلت فضلة فأهديناه لجيراننا وحدثني حرملة بن يحيى التجيبي حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني أسامة أن يعقوب بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري حدثه أنه سمع أنس بن مالك يقول جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فوجدته جالسا مع أصحابه يحدثهم وقد عصب بطنه بعصابة قال أسامة وأنا أشك على حجر فقلت لبعض أصحابه لم عصب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطنه فقالوا من الجوع فذهبت إلى أبي طلحة وهو زوج أم سليم بنت ملحان فقلت يا أبتاه قد رأيت رسول الله عصب بطنه بعصابة فسألت بعض أصحابه فقالوا من الجوع فدخل أبو طلحة على أمي فقال هل من شيء فقالت نعم عندي كسر من خبز وتمرات فإن جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده أشبعناه وإن جاء آخر معه قل عنهم ثم ذكر سائر الحديث بقصته وحدثني حجاج بن الشاعر حدثنا يونس بن محمد حدثنا حرب بن ميمون عن النضر بن أنس عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في طعام أبي طلحة نحو حديثهم

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                وأما الحديث الآخر ففيه : أن أنسا قال : بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدعوه ، وقد جعل طعاما ، فأقبلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس ، فنظر إلي فاستحييت ، فقلت : أجب أبا طلحة ، فقال للناس : قوموا . . . . وذكر الحديث وأخرج لهم شيئا من بين أصابعه . وهذا الحديث قضية أخرى بلا شك ، وفيها ما سبق في الحديث الأول ، وزيادة هذا العلم الآخر من أعلام النبوة وهو إخراج ذلك الشيء من بين أصابعه الكريمات صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                قوله : ( وتركوا سؤرا ) هو بالهمز ، أي : بقية .

                                                                                                                قوله : ( فقام أبو طلحة على الباب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : يا رسول الله إنما كان [ ص: 191 ] شيء يسير قال : هلمه ، فإن الله سيجعل فيه البركة ) أما قيام أبي طلحة فلانتظار إقبال النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أقبل تلقاه ، وقوله : ( إنما كان شيء يسير ) هكذا هو في الأصول وهو صحيح ، ( وكان ) هنا تامة لا تحتاج خبرا .

                                                                                                                وقوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن الله سيجعل فيه البركة ) فيه علم ظاهر من أعلام النبوة .

                                                                                                                وقوله : ( ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكل أهل البيت ) فيه أن يستحب لصاحب الطعام وأهله أن يكون أكلهم بعد فراغ الضيفان . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( يتقلب ظهرا لبطن ) وفي الرواية الأخرى : ( وقد عصب بطنه بعصابة ) لا مخالفة بينهما ، [ ص: 192 ] وأحدهما يبين الآخر ، ويقال : عصب وعصب بالتخفيف والتشديد .

                                                                                                                قوله : ( فذهبت إلى أبي طلحة وهو زوج أم سليم بنت ملحان فقلت : يا أبتاه ) فيه : استعمال المجاز لقوله : ( يا أبتاه ) وإنما هو زوج أمه .

                                                                                                                وقوله : ( بنت ملحان ) هو بكسر الميم . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية