الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                220 حدثنا سعيد بن منصور حدثنا هشيم أخبرنا حصين بن عبد الرحمن قال كنت عند سعيد بن جبير فقال أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة قلت أنا ثم قلت أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت قال فماذا صنعت قلت استرقيت قال فما حملك على ذلك قلت حديث حدثناه الشعبي فقال وما حدثكم الشعبي قلت حدثنا عن بريدة بن حصيب الأسلمي أنه قال لا رقية إلا من عين أو حمة فقال قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى صلى الله عليه وسلم وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما الذي تخوضون فيه فأخبروه فقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن حصين عن سعيد بن جبير حدثنا ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضت علي الأمم ثم ذكر باقي الحديث نحو حديث هشيم ولم يذكر أول حديثه

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ ) هو بالقاف والضاد المعجمة ومعناه سقط ، وأما ( البارحة ) فهي أقرب ليلة مضت . قال أبو العباس ثعلب : يقال : قبل الزوال رأيت الليلة ، وبعد الزوال رأيت البارحة ، وهكذا قال غير ثعلب ، قالوا : وهي مشتقة من ( برح ) إذا زال ، وقد ثبت في صحيح مسلم في كتاب الرؤيا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى الصبح قال : هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا .

                                                                                                                قوله : ( أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت ) أراد أن ينفي عن نفسه اتهام العبادة والسير في الصلاة مع أنه لم يكن فيها ، وقوله : ( لدغت ) هو بالدال المهملة والغين المعجمة ، قال أهل اللغة : يقال لدغته العقرب وذوات السموم إذا أصابته بسمها ، وذلك بأن تأبره بشوكتها .

                                                                                                                وقوله : ( لا رقية إلا من عين أو حمة ) أما ( الحمة ) فهي بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم وهي سم [ ص: 450 ] العقرب وشبهها ، وقيل : فوعة السم وهي حدته وحرارته ، والمراد أو ذي حمة كالعقرب وشبهها أي : لا رقية إلا من لدغ ذي حمة ، وأما العين فهي إصابة العائن غيره بعينه . والعين حق ، قال الخطابي : ومعنى الحديث : لا رقية أشفى وأولى من رقية العين وذي الحمة ، وقد رقى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر بها فإذا كانت بالقرآن وبأسماء الله تعالى فهي مباحة ، وإنما جاءت الكراهة منها لما كان بغير لسان العرب ; فإنه ربما كان كفرا أو قولا يدخله الشرك ، قال : ويحتمل أن يكون الذي كره من الرقية ما كان منها على مذاهب الجاهلية في العوذ التي كانوا يتعاطونها ، ويزعمون أنها تدفع عنهم الآفات ، ويعتقدون أنها من قبل الجن ومعونتهم . هذا كلام الخطابي - رحمه الله - تعالى - والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( بريدة بن حصيب ) هو بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فرأيت النبي ومعه الرهيط ) هو بضم الراء تصغير الرهط ، وهي الجماعة دون العشرة .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فإذا سواد عظيم فقيل لي : هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ) معناه : ومع هؤلاء سبعون ألفا من أمتك . فكونهم من أمته - صلى الله عليه وسلم - لا شك فيه . وأما تقديره فيحتمل أن يكون معناه : وسبعون ألفا من أمتك غير هؤلاء وليسوا مع هؤلاء ، ويحتمل أن يكون [ ص: 451 ] معناه : في جملتهم سبعون ألفا ، ويؤيد هذا رواية البخاري في صحيحه : هذه أمتك ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا " . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( فخاض الناس ) هو بالخاء والضاد المعجمتين أي : تكلموا ، وتناظروا وفي هذا إباحة المناظرة في العلم والمباحثة في نصوص الشرع على جهة الاستفادة وإظهار الحق . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية