الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2144 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا ابن عون عن ابن سيرين عن أنس بن مالك قال كان ابن لأبي طلحة يشتكي فخرج أبو طلحة فقبض الصبي فلما رجع أبو طلحة قال ما فعل ابني قالت أم سليم هو أسكن مما كان فقربت إليه العشاء فتعشى ثم أصاب منها فلما فرغ قالت واروا الصبي فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال أعرستم الليلة قال نعم قال اللهم بارك لهما فولدت غلاما فقال لي أبو طلحة احمله حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وبعثت معه بتمرات فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال أمعه شيء قالوا نعم تمرات فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها في في الصبي ثم حنكه وسماه عبد الله حدثنا محمد بن بشار حدثنا حماد بن مسعدة حدثنا ابن عون عن محمد عن أنس بهذه القصة نحو حديث يزيد

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( إن الصبي لما مات فجاء أبوه أبو طلحة سأل أم سليم ، وهي أم الصبي ، ما فعل الصبي ؟ قالت : هو أسكن مما كان ، فقربت إليه العشاء فتعشى ، ثم أصاب منها ، فلما فرغ قالت : واروا الصبي ) أي ادفنوه فقد مات .

                                                                                                                وفي هذا الحديث مناقب لأم سليم رضي الله عنها من عظيم صبرها ، وحسن رضاها بقضاء الله تعالى ، وجزالة عقلها في إخفائها موته على أبيه في أول الليل ليبيت مستريحا بلا حزن ، ثم عشته وتعشت ، ثم تصنعت له ، وعرضت له بإصابته فأصابها .

                                                                                                                وفيه استعمال المعاريض عند الحاجة لقولها : ( هو أسكن مما كان ) فإنه كلام صحيح ، مع أن المفهوم منه أنه قد هان مرضه وسهل ، وهو في الحياة . وشرط المعاريض المباحة ألا يضيع بها حق أحد والله أعلم .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم ( أعرستم الليلة ) هو بإسكان العين ، وهو كناية عن الجماع . قال الأصمعي والجمهور : يقال أعرس الرجل إذا دخل بامرأته . قالوا : ولا يقال فيه عرس بالتشديد ، وأراد هنا الوطء ، وسماه إعراسا لأنه في معناه في المقصود .

                                                                                                                قال صاحب التحرير : روي أيضا ( أعرستم ) بفتح العين وتشديد الراء قال : وهي لغة ، يقال : عرس بمعنى أعرس . قال : لكن قال أهل اللغة : أعرس [ ص: 304 ] أفصح من عرس في هذا . وهذا السؤال للتعجب من صنيعها وصبرها ، وسرورا بحسن رضاها بقضاء الله تعالى ، ثم دعا صلى الله عليه وسلم لهما بالبركة في ليلتهما ، فاستجاب الله تعالى ذلك الدعاء ، وحملت بعبد الله بن أبي طلحة ، وجاء من أولاد عبد الله إسحاق وإخوته التسعة صالحين علماء رضي الله عنهم .

                                                                                                                قوله : ( حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا ابن عون عن ابن سيرين عن أنس ) هكذا وقع في مسلم ( ابن سيرين ) مهملا ، وفي رواية البخاري هذا الحديث عن أنس بن سيرين .




                                                                                                                الخدمات العلمية