الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              1275 حدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إسمعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد وعن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد قال أخرج مروان المنبر يوم العيد فبدأ بالخطبة قبل الصلاة فقام رجل فقال يا مروان خالفت السنة أخرجت المنبر يوم عيد ولم يكن يخرج به وبدأت بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يبدأ بها فقال أبو سعيد أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه وذلك أضعف الإيمان

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله ( أخرج مروان المنبر إلخ ) أي ليخطب عليه قوله ( فبدأ بالخطبة قبل الصلاة ) وهو أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة يوم العيد كما في صحيح مسلم قيل سبب ذلك أنهم كانوا يسبون في الخطبة من لا يحل سبه فتتفرق الناس عند الخطبة إذا كانت متأخرة لئلا يسمعوا ذلك فقدم الخطبة ليسمعهم قوله ( خالفت السنة ) فيه الإنكار على الآمر بمخالفة السنة (قضى ) أي أدى ما عليه أي ما وجب عليه أو ما قدر عليه قوله ( فليغيره بيده ) قيل هذا أمر إيجاب بإجماع الأمة وهو واجب على الكفاية (فبلسانه ) أي فلينكره بلسانه وكذا قوله فبقلبه وليس المراد فليغيره بلسانه أو بقلبه أما في القلب فظاهر وأما في اللسان فلأن المفروض أنه لا يستطيع أن يغير باليد فكيف يغيره باللسان إلا أن يقال قد يمكن التغيير بطيب الكلام عند عدم استطاعة التغيير باليد لكن ذاك قادر قليل جدا وليس الكلام فيه قوله ( وذلك أضعف الإيمان ) أي الإنكار بالقلب فقط أضعف في نفسه ولا يكتفي به إلا من لا يستطيع غيره نعم إذا اكتفى به من لا يستطيع غيره فليس من الأضعف فإنه لا يستطيع غيره والتكليف بالوسع قيل في الحديث إشكال لأنه [ ص: 387 ] يدل على ذم فاعل الإنكار بالقلب فقط وأيضا يعظم إيمان الشخص وهو لا يستطيع التغيير باليد ولا يلزم من عجزه عن التغيير باليد ضعف الإيمان فكيف جعله - صلى الله عليه وسلم - أضعف الإيمان أجاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام بأن المراد بالإيمان هاهنا الأعمال مجازا أو هو على حذف المضاف أي أضعف خصال الإيمان في باب النهي عن المنكر ولا شك أن التقرب بالكراهة ليس بالإنكار ولم يذكره - صلى الله عليه وسلم - في معرض الذم وإنما ذكره ليعلم المكلف مقارنة ما حصل في هذا القسم فيترقى إلى غيره .




                                                                              الخدمات العلمية