الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              197 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا محمد بن إسحق عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يمين الله ملأى لا يغيضها شيء سحاء الليل والنهار وبيده الأخرى الميزان يرفع القسط ويخفض قال أرأيت ما أنفق منذ خلق الله السماوات والأرض لم ينقص مما في يديه شيئا

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله ( يمين الله ) قيل أريد باليمين النعم ومعنى ملأى كثيرة العطاء وقيل أريد باليمين الخزائن التي تتصرف فيها باليمين (لا يغيضها ) لا ينقصها خير بعد خير (سحاء ) بتشديد الحاء والمد دائمة الصب بالعطاء من سح سحا وروي بالتنوين مصدرا قيل ما أتم هذه البلاغة وأحسن هذه الاستعارة فلقد نبه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا اللفظ على معان دقيقة منها وصف يده تعالى في الإعطاء بالتفوق والاستعلاء فإن السح إنما يكون من علو ومنها أنها المعطية عن ظهر غنى لأن المائع إذا انصب من فوق انصب بسهولة ومنها جزالة عطاياه سبحانه فإن السح يستعمل فيما ارتفع عن حد التقاطر إلى حد السيلان ومنها أنه لا مانع لها لأن الماء إذا أخذ في الانصباب من فوق لم يستطع أحد أن يرده قوله ( الليل والنهار ) ظرف لسحاء والمراد به عدم الانقطاع لمادة عطائه تعالى قوله ( وبيده الأخرى ) قلت هذا اللفظ معناه كما ذكروا في اليمين من المجاز فليتأمل والوجه مذهب السلف فالواجب فيه وفي أمثاله الإيمان بما جاء في الحديث والتسليم وترك التصرف فيه للعقل ويستقل بنوع بسط قوله ( يرفع القسط ويخفضه ) قيل هو إشارة إلى إنزال العدل إلى الأرض مرة ورفعه أخرى قوله ( ما أنفق ) أي قدر ما أنفق .




                                                                              الخدمات العلمية