الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              باب الدعاء بعرفة

                                                                              3013 حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي حدثنا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي أن أباه أخبره عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب إني قد غفرت لهم ما خلا الظالم فإني آخذ للمظلوم منه قال أي رب إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم فلم يجب عشيته فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال تبسم فقال له أبو بكر وعمر بأبي أنت وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك أضحك الله سنك قال إن عدو الله إبليس لما علم أن الله عز وجل قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( لأمته ) أي : لمن معه في حجه ذلك ، أو لمن حج من أمته إلى يوم القيامة ، أو لأمته مطلقا من حج ، أو لم يحج ، فأجيب أني : بفتح الهمزة ، أي : أجابه الله بأني قد غفرت ، أو بكسرها ، أي : أجابه قائلا إني قد غفرت (أعطيت المظلوم من الجنة ) ظاهره أنه سأل مغفرة مظالم المؤمنين بخلاف مظالم أهل الذمة إلا أن يقال قوله : ( من الجنة ) أي مثلا ، أو تخفيف العذاب والله تعالى أعلم بالصواب ، وفي الزوائد في إسناده عبد الله بن كنانة قال البخاري : لم يصح حديثه اهـ . ولم أر من تكلم فيه بجرح ولا توثيق اهـ . وقال السيوطي في [ ص: 238 ] حاشية الكتاب هذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات وأعله بكنانة فإنه منكر الحديث جدا ، أورده عليه الحافظ ابن حجر بمؤلف سماه " فذة الحجاج في عموم المغفرة للحجاج : قال فيه : حكم ابن الجوزي على هذا الحديث بأنه موضوع مردود فإن الذي ذكره لا ينتهض دليلا على كونه موضوعا ، وقد اختلف قول ابن حبان في كنانة فذكره في الثقات وذكره من الضعفاء وذكره ابن منده أنه قيل : إن له رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وولده عبد الله مختلف فيه في كلام ابن حبان أيضا ، وكل ذلك لا يقتضي الحكم على الحديث بالوضع ، بل غايته أن يكون ضعيفا ويعتضد بكثرة طرقه وهو بمفرده يدخل في حد الحسن على رأي الترمذي ولا سيما بالنظر في مجموع طرقه ، وقد أخرج أبو داود في سننه طرفا منه وسكت عليه فهو صالح عنده ، وأخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين ، وقال البيهقي بعد أن أخرجه في شعب الإيمان : هذا الحديث له شواهد كثيرة فذكرناها في كتاب البعث فإن صح شواهده ففيه الحجة وإن لم تصح فقد قال تعالى : ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وظلم بعضهم بعضا دون الشرك وقد جاء هذا الحديث أيضا من حديث أنس بن مالك وابن عمر وعبادة بن الصامت وزيد جد عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد وكثرة الطرق إن اختلفت المخارج تزيد المتن قوة وبعض ما في هذا الحديث له شواهد في أحاديث صحاح .




                                                                              الخدمات العلمية