الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                              30 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسويد بن سعيد وعبد الله بن عامر بن زرارة وإسمعيل بن موسى قالوا حدثنا شريك عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( من كذب علي متعمدا ) أي قاصدا الكذب علي لغرض من الأغراض لا أنه وقع فيه خطأ أو سهوا [ ص: 17 ] فإن ذلك مكفر عن هذه الأمة وقيد التعمد يدل على أن الكذب يكون بدون التعمد أيضا كما عليه المحققون فقالوا : هو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه عمدا كان أو سهوا ، لا كما زعمت المعتزلة أن التعمد شرط في تحقق الكذب قوله : ( فليتبوأ مقعده من النار ) أي فليتخذ منزلة منها ثم قيل : إنه دعاء بلفظ الأمر أي بوأه الله ذلك وقيل : خبر بلفظ الأمر ومعناه فقد استوجب ذلك وفي التعبير بلفظ الأمر الواجب إشارة في تحقق الوقوع

                                                                              قال النووي : معنى الحديث أن هذا جزاؤه ويجوز أن الكريم يعفو عنه ثم إن جوزي فلا يخلد فيها وفي الحديث دلالة على أن الكذب عليه - صلى الله تعالى عليه وسلم - كبيرة لكن لا يكفر مرتكبه وكان والد إمام الحرمين يقول بكفره لكن رده إمام الحرمين بأنه قول لم يقله أحد من الأصحاب فهو هفوة عظيمة

                                                                              وهل إذا تاب من تعمد الكذب تقبل توبته وروايته ذلك فيه قولان والصحيح الموافق للقواعد القبول وكيف والكافر إذا تاب تقبل توبته وروايته والكاذب متعمدا دون ذلك ثم معنى كذب عليه أنه نسب إليه من فعل أو قول ما ليس له ، وقول من قال كذب عليه في مقابلة كذب له ، فمفهوم الحديث أن الكذب له جائز فيجوز وضع الحديث في الترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك فإنه كذب له لأنه لأجل نشر دينه ؛ جهل باللغة ، على أنه لو صح لكان مردودا هنا بشهادة جمع أحاديث الباب ، فإن أحاديث الباب إذا جمعت فهي تدل على أن الكذب في شأنه مطلقا من أشد الذنوب وأقبحها .




                                                                              الخدمات العلمية