الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              4074 حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا إسمعيل بن أبي خالد عن مجالد عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وصعد المنبر وكان لا يصعد عليه قبل ذلك إلا يوم الجمعة فاشتد ذلك على الناس فمن بين قائم وجالس فأشار إليهم بيده أن اقعدوا فإني والله ما قمت مقامي هذا لأمر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة ولكن تميما الداري أتاني فأخبرني خبرا منعني القيلولة من الفرح وقرة العين فأحببت أن أنشر عليكم فرح نبيكم ألا إن ابن عم لتميم الداري أخبرني أن الريح ألجأتهم إلى جزيرة لا يعرفونها فقعدوا في قوارب السفينة فخرجوا فيها فإذا هم بشيء أهدب أسود قالوا له ما أنت قال أنا الجساسة قالوا أخبرينا قالت ما أنا بمخبرتكم شيئا ولا سائلتكم ولكن هذا الدير قد رمقتموه فأتوه فإن فيه رجلا بالأشواق إلى أن تخبروه ويخبركم فأتوه فدخلوا عليه فإذا هم بشيخ موثق شديد الوثاق يظهر الحزن شديد التشكي فقال لهم من أين قالوا من الشام قال ما فعلت العرب قالوا نحن قوم من العرب عم تسأل قال ما فعل هذا الرجل الذي خرج فيكم قالوا خيرا ناوى قوما فأظهره الله عليهم فأمرهم اليوم جميع إلههم واحد ودينهم واحد قال ما فعلت عين زغر قالوا خيرا يسقون منها زروعهم ويستقون منها لسقيهم قال فما فعل نخل بين عمان وبيسان قالوا يطعم ثمره كل عام قال فما فعلت بحيرة الطبرية قالوا تدفق جنباتها من كثرة الماء قال فزفر ثلاث زفرات ثم قال لو انفلت من وثاقي هذا لم أدع أرضا إلا وطئتها برجلي هاتين إلا طيبة ليس لي عليها سبيل قال النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا ينتهي فرحي هذه طيبة والذي نفسي بيده ما فيها طريق ضيق ولا واسع ولا سهل ولا جبل إلا وعليه ملك شاهر سيفه إلى يوم القيامة

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( فمن بين قائم وجالس ) أي : فكان الناس من [ ص: 507 ] بين هذين القسمين (لرغبة ولا لرهبة ) بدل من قوله : لأمر بإعادة الجار (من الفرح وقرة العين ) سيعلم أن فرحه كان بسبب أمن المدينة من شر اللعين (في قوارب السفينة ) مع قارب بكسر الراء والفتح أشهر وهي سفينة صغيرة تكون مع أصحاب السفن الكبار البحرية يتخذونها لحوائجهم قوله : ( أهدب ) كثير الهدب أو طويله ، والهدب بضمتين أو سكون الثاني شعر أشفار العين قوله : ( الجساسة ) بفتح الجيم وتشديد السين المهملة الأولى ، قيل : هي تجس الأخبار فتأتي بها الدجال ، قيل : هي الدابة التي تخرج آخر الزمان ولا دليل عليه (هذا الدير ) ضبط بفتح دال وسكون الياء المثناة من تحت هو خان النصارى ، وفي المغرب صومعة الراهب (رمقتموه ) في القاموس رمقه كفرح غشيه ولحقه ، أو دنا منه (بالأشواق ) جمع شوق أي ملتبسا بها (شديد الوثاق ) بالفتح والكسر ما يوثق به (ناوى قوما ) أي : عاداهم (فأظهره ) أي : نصره (زغر ) بزاي وغين معجمتين وراء مهملة هو كعمر فلذلك لا ينصرف بلدة معروفة بالشام (بين عمان ) بفتح العين وتشديد الميم مدينة قديمة بالشام (يطعم ) بضم الياء ، أي : يعطي ( بحيرة طبرية ) هو تصغير بحر وطبرية بلدة بناها بعض ملوك الروم والنسبة إليها طبراني ولطبرستان بخراسان طبري كذا في شرح الترمذي [ ص: 508 ] (تدفق ) تدفع الماء بقوة وسرعة من باب نصر (جنبتاها ) تثنية الجنبة بفتحتين الطرف (فزفر ) في الصحاح الزفر أول صوت الحمار والشهيق آخره ؛ لأن الزفير إدخال النفس والشهيق إخراجه ذكره السيوطي (شاهر ) أي : مبرز له .




                                                                              الخدمات العلمية