الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      884 حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة قال كان رجل يصلي فوق بيته وكان إذا قرأ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى قال سبحانك فبكى فسألوه عن ذلك فقال سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو داود قال أحمد يعجبني في الفريضة أن يدعو بما في القرآن

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن موسى بن أبي عائشة ) هو الهمداني الكوفي مولى آل جمدة بن هبيرة المخزومي . قال في التقريب ثقة عابد من الخامسة وكان يرسل ومن دونه هم رجال الصحيح ( كان رجل ) جهالة الصحابي مغتفرة عند الجمهور وهو الحق ( يصلي فوق بيته ) فيه جواز الصلاة على ظهر البيت والمسجد ونحوهما فرضا أو نفلا عند من جعل فعل الصحابي حجة أخذا بها . والأصل الجواز في كل مكان من الأمكنة ما لم يقم دليل على عدمه ( سبحانك ) أي تنزيها لك أن يقدر أحد على إحياء الموتى غيرك وهو منصوب على المصدر . وقال الكسائي : منصوب على أنه منادى مضاف ( فبلى ) باللام ، وفي نسخة من سنن أبي داود فبكى بالكاف قال ابن رسلان : وأكثر النسخ المعتمدة باللام بدل الكاف وبلى حرف لإيجاب النفي ، والمعنى أنت قادر على أن تحيي الموتى . كذا في [ ص: 104 ] النيل ( يعجبني ) من الإعجاب أي يفرحني ويسرني ( أن يدعو بما في القرآن ) في معنى كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى وجهان ، أحدهما أن يدعو في الصلاة الفريضة بعد التشهد قبل التسليم بالأدعية التي هي مذكورة في القرآن نحو ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ومثل ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا وغير ذلك من الآيات الكريمة ، وثانيهما أن يدعو في الفريضة بما في القرآن من آيات الرحمة وغيرها أي إذا يمر المصلي بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا يمر بسؤال سأل وإذا يمر بآية في الفرائض أيضا وبه قال الشافعي . قال البيهقي في المعرفة : باب الوقوف عند آية الرحمة وآية العذاب . يتعوذ فيها تعوذ . وهذا المعنى هو الأقرب إلى الصواب . فالإمام أحمد لا يخص هذا في النوافل بل يستحبه

                                                                      قال الشافعي في القديم : أحب للإمام إذا قرأ آية الرحمة أن يقف فيسأل الله ويسأل الناس ، وإذا قرأ آية العذاب أن يقف فيستعيذ ويستعيذ الناس ، بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعل ذلك في صلاته ، ثم ساق البيهقي بإسناده حديث حذيفة الذي أخرجه مسلم ثم قال وروينا عن عائشة وعن عوف بن مالك الأشجعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معناه في آية الرحمة وفي آية العذاب ، ثم روي من طريق عبد خير أن عليا قرأ في الصبح بسبح اسم ربك الأعلى فقال سبحان ربي الأعلى . قال الشافعي : وهم يكرهون هذا ونحن نستحب هذا . ويروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا يشبهه ، فكأنه أراد ما روينا في حديث حذيفة أو أراد ما روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ سبح اسم ربك الأعلى قال سبحان ربي الأعلى إلا أنه مختلف في رفعه وفي إسناده .

                                                                      وروينا في حديث إسماعيل بن أمية عن الأعرابي مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل : وأنا على ذلك من الشاهدين . ومن قرأ لا أقسم بيوم القيامة فانتهى إلى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى فليقل : بلى ، ومن قرأ والمرسلات فبلغ فبأي حديث بعده يؤمنون فليقل : آمنا به انتهى كلام البيهقي .




                                                                      الخدمات العلمية