الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1000 حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم الطائي عن جابر بن سمرة قال دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس رافعوا أيديهم قال زهير أراه قال في الصلاة فقال ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس أسكنوا في الصلاة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( ما لي أراكم رافعي أيديكم ) قال النووي : والمراد بالرفع المنهي عنه هاهنا رفعهم أيديهم عن السلام مشيرين إلى السلام من الجانبين كما صرح به في الرواية الأخرى . وقد احتج بعض من لا خبرة له بحديث جابر هذا على ترك رفع اليدين عند الركوع والرفع منه وهذا احتجاج باطل . قال البخاري في جزء رفع اليدين : فأما احتجاج بعض من لا يعلم بحديث وكيع عن الأعمش ، عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن [ ص: 223 ] جابر بن سمرة قال : " دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن رافعو أيدينا " الحديث فإنما كان هذا في التشهد لا في القيام كان يسلم بعضهم على بعض فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رفع الأيدي في التشهد ، ولا يحتج بهذا من له حظ من العلم هذا معروف مشهور لا اختلاف فيه ، ولو كان كما ذهب إليه لكان رفع الأيدي في أول التكبيرة وأيضا تكبيرات صلاة العيد منهيا عنها لأنه لم يستثن رفعا دون رفع ، وقد ثبت حديث مسعر وفيه : " أن يضع يده على فخذه ثم يسلم " الحديث . قال البخاري : فليحذر أمره أن يتقول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل .

                                                                      قال الله - عز وجل - فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم انتهى كلام البخاري . وقال ابن حبان : ذكر الخبر المقتضي للقصة المختصرة المتقدمة بأن القوم إنما أمروا بالسكون في الصلاة عن الإشارة بالتسليم دون الرفع الثابت عند الركوع ثم رواه كنحو رواية مسلم . وقال الحافظ في التلخيص : ولا دليل فيه على منع الرفع على الهيئة المخصوصة في الموضع المخصوص وهو الركوع والرفع منه لأنه مختصر من حديث طويل انتهى . وقال الزيلعي في نصب الراية : ولقائل أن يقول إنهما حديثان لا يفسر أحدهما بالآخر كما جاء في لفظ الحديث دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذ الناس رافعو أيديهم في الصلاة فقال ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة والذي يرفع يديه حال التسليم لا يقال له اسكن في الصلاة إنما يقال ذلك لمن يرفع يديه أثناء الصلاة وهو حالة الركوع والسجود ونحو ذلك وهذا هو الظاهر ، والراوي هذا في وقت آخر كما شاهده وليس في ذلك بعد . انتهى كلام الزيلعي .

                                                                      قلت : العجب كل العجب من الإمام جمال الدين الزيلعي أنه كيف قال هذه المقالة ولو قال غيره كالطحاوي والعيني وأمثالهما لا يعجب منهم إنما منه لأنه محدث كبير من أهل الإنصاف ، ولا يخفى على من له مذاق في العلم فساد بيانه ، والظاهر أنهما ليسا بحديثين بل هما حديث واحد يفسر أحدهما بالآخر والراوي واحد وهو جابر بن سمرة والمتن واحد .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية