الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1169 حدثنا ابن أبي خلف حدثنا محمد بن عبيد حدثنا مسعر عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله قال أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواكي فقال اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل قال فأطبقت عليهم السماء [ ص: 24 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 24 ] ( أتت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بواكي ) : جمع باكية أي جاءت عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نفوس باكية أو نساء باكيات لانقطاع المطر عنهم ملتجئة إليه ، وهذه هي الرواية المشهورة في سنن أبي داود

                                                                      قال المنذري : هكذا وقع في روايتنا ، وفي غيرها مما شاهدناه بالباء الموحدة المفتوحة ، وذكر الخطابي قال : " رأيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يواكي " بضم الياء باثنتين من تحتها انتهى .

                                                                      قلت : المواكاة والتوكؤ والاتكاء والتحامل على الشيء . قال الخطابي في المعالم : معناه التحامل على يديه إذا رفعهما ومدهما في الدعاء ، ومن هذا التوكؤ على العصا وهو التحامل عليها انتهى .

                                                                      وقال في النهاية : أي يتحامل على يديه أي يرفعهما ويمدهما في الدعاء ، ومنه التوكؤ على العصا وهو التحامل عليها انتهى .

                                                                      وقد أخذ هذه الرواية صاحب المشكاة أيضا

                                                                      قال المنذري : قال بعضهم : والصحيح ما ذكره الخطابي

                                                                      قال المنذري : وللرواية المشهورة وجه انتهى . ورجح السندي الرواية المشهورة وبالغ في رد غيرها ولم يقف على كلام الخطابي وابن الأثير والمنذري . وقال النووي : وهذا الذي ادعاه الخطابي لم تأت به الرواية ولا انحصر الصواب فيه بل ليس هو واضح المعنى .

                                                                      وفي رواية البيهقي : " أتت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هوازل بدل بواكي " انتهى . قلت : على رواية الخطابي يوافق الحديث بالباب والله أعلم ، كذا في غاية المقصود . ( اسقنا ) : بالوصل والقطع ( غيثا ) : أي مطرا ( مغيثا ) : بضم أوله أي معينا من الإغاثة بمعنى الإعانة ( مريئا ) : بفتح الميم والمد ويجوز إدغامه أي هنيئا محمود العاقبة لا ضرر فيه من الغرق والهدم ( مريعا ) : يروى على وجهين بالياء والباء فمن رواه بالياء جعله من المراعة وهو الخصب يقال منه أمرع المكان إذا أخصب ومن رواه مربعا كان معناه منبتا للربيع قاله الخطابي . وفي شرح المشكاة مريعا بفتح الميم وبضم أي كثيرا . وفي شرح السنة ذا مراعة وخصب ، ويروى مربعا بالباء بضم الميم أي منبتا للربيع ، ويروى مرتعا بفتح الميم والتاء أي ينبت به ما يرتع الإبل وكل خصب مرتع ومنه يرتع ويلعب ذكره الطيبي ( فأطبقت عليهم السماء ) : على بناء الفاعل وقيل بالمفعول ، يقال أطبق إذا حمل الطبق على رأس شيء وغطاه به أي جعلت عليهم [ ص: 25 ] السحاب كطبق ، قيل أي ظهر السحاب في ذلك الوقت وغطاهم السحاب كطبق فوق رءوسهم بحيث لا يرون السماء من تراكم السحاب وعمومه الجوانب ، وقيل أطبقت بالمطر الدائم ، يقال أطبقت عليه الحمى أي دامت وفي شرح السنة أي ملأت ، والغيث المطبق هو العام الواسع .




                                                                      الخدمات العلمية