الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب من قال يصلي بكل طائفة ركعتين

                                                                      1248 حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو فصلى بهم ركعتين ثم سلم فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولأصحابه ركعتين ركعتين وبذلك كان يفتي الحسن قال أبو داود وكذلك في المغرب يكون للإمام ست ركعات وللقوم ثلاث ثلاث قال أبو داود وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك قال سليمان اليشكري عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( فكانت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) : والحديث فيه دليل على أن من صفات صلاة [ ص: 95 ] الخوف أن يصلي الإمام بكل طائفة ركعتين فيكون مفترضا في ركعتين ومتنفلا في ركعتين . قال النووي : وبهذا قال الشافعي وحكوه عن الحسن ، وادعى الطحاوي أنه منسوخ ولا تقبل دعواه إذ لا دليل لنسخه انتهى .

                                                                      وقال السندي : فيه اقتداء المفترض بالمتنفل قطعا ولم أر لهم عنه جوابا شافيا انتهى ( وكذلك في المغرب ) : وهو قياس صحيح والظاهر أنه من قول أبي داود ، ولكن أخرج البيهقي هذا الحديث من طريق أبي بكر محمد بن بكير عن أبي داود عن عبيد الله بن معاذ نحوه سندا ومتنا وفيه كذلك في المغرب إلى آخر القول ثم قال البيهقي وهذا أظنه من قول الأشعث .

                                                                      وأخرج الدارقطني من طريق عمر والبكراوي حدثنا أشعث عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى بالقوم صلاة المغرب ثلاث ركعات ثم انصرف وجاء الآخرون فصلى بهم ثلاث ركعات فكانت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ست ركعات وللقوم ثلاث ثلاث . قال البيهقي في المعرفة : ورواه عمر والبكراوي عن أشعث عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المغرب وهو وهم والصحيح هو الأول أي قول أشعث ( وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير ) : يعني في غير المغرب وحديثه عند مسلم بلفظ " فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا فصلى بالطائفة الأخرى ركعتين " قال فكانت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أربع ركعات وللقوم ركعتان ( وكذلك ) : أي كما رواه أبو سلمة عن جابر رواه سليمان اليشكري أيضا ، وهكذا روى الحسن عن جابر بن عبد الله ، ففي حديث هؤلاء كلهم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى بالقوم ركعتين ثم سلم ثم صلى بالقوم الآخرين ركعتين ثم سلم فكانت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أربع ركعات ولهؤلاء ركعتين ركعتين . قال المنذري : حديث أبي بكرة أخرجه النسائي انتهى .

                                                                      ثم اعلم أنه قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد روي في صلاة الخوف عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجوه كثيرة فذكر منها ستة أوجه ، الأول ما دل عليه حديث ابن عمر قال به من الأئمة الأوزاعي وأشهب . قال العيني وقال به أبو حنيفة وأصحابه . قال ابن عبد البر الثاني حديث صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة قال به مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور . الثالث حديث ابن مسعود قال به أبو حنيفة وأصحابه إلا أبا يوسف . الرابع حديث أبي عياش الزرقي قال به ابن أبي ليلى والثوري . الخامس حديث حذيفة قال به الثوري في مجيزه وهو المروي عن جماعة من الصحابة منهم حذيفة وابن عباس وزيد بن ثابت وجابر [ ص: 96 ] بن عبد الله . السادس حديث أبي بكرة أنه صلى بكل طائفة ركعتين وكان الحسن البصري يفتي به ، وقد حكى المزني عن الشافعي أنه لو صلى في الخوف بطائفة ركعتين ثم سلم فصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ثم سلم كان جائزا قال وهكذا صلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببطن نخل . قال ابن عبد البر وروي أن صلاته هكذا كانت يوم ذات الرقاع ، وذكر أبو داود في سننه لصلاة الخوف ثماني صور وذكرها ابن حبان في صحيحه تسعة أنواع ، وذكر القاضي عياض في الإكمال لصلاة الخوف ثلاثة عشر وجها ، وذكر النووي أنهما تبلغ ستة عشر وجها ولم يبين شيئا من ذلك . وقال الحافظ العراقي في شرح الترمذي : قد جمعت طرق الأحاديث الواردة في صلاة الخوف فبلغت سبعة عشر وجها وبينها لكن يمكن التداخل في بعضها . وحكى ابن القصار المالكي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلاها عشر مرات وقال ابن العربي صلاها أربعا وعشرين مرة وبين القاضي عياض تلك المواطن وأطال الكلام فيه . كذا في عمدة القاري مختصرا . وفي التخليص : رويت صلاة الخوف عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أربعة عشر نوعا ذكرها ابن حزم في جزء مفرد وبعضها في صحيح مسلم ومعظمها في سنن أبي داود . وذكر الحاكم منها ثمانية أنواع وابن حبان تسعة أنواع وقال ليس بينها تضاد ولكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى صلاة الخوف مرارا والمرء مباح له أن يصلي ما شاء عند الخوف من هذه الأنواع وهي من الاختلاف المباح . ونقل ابن الجوزي عن أحمد أنه قال ما أعلم في هذا الباب حديثا إلا صحيحا انتهى . هذا كله ملخصا عن غاية المقصود .

                                                                      287 - باب صلاة الطالب



                                                                      الخدمات العلمية