الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1716 حدثنا جعفر بن مسافر التنيسي حدثنا ابن أبي فديك حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي عن أبي حازم عن سهل بن سعد أخبره أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة وحسن وحسين يبكيان فقال ما يبكيهما قالت الجوع فخرج علي فوجد دينارا بالسوق فجاء إلى فاطمة فأخبرها فقالت اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا دقيقا فجاء اليهودي فاشترى به فقال اليهودي أنت ختن هذا الذي يزعم أنه رسول الله قال نعم قال فخذ دينارك ولك الدقيق فخرج علي حتى جاء به فاطمة فأخبرها فقالت اذهب إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لحما فذهب فرهن الدينار بدرهم لحم فجاء به فعجنت ونصبت وخبزت وأرسلت إلى أبيها فجاءهم فقالت يا رسول الله أذكر لك فإن رأيته لنا حلالا أكلناه وأكلت معنا من شأنه كذا وكذا فقال كلوا باسم الله فأكلوا فبينما هم مكانهم إذا غلام ينشد الله والإسلام الدينار فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعي له فسأله فقال سقط مني في السوق فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا علي اذهب إلى الجزار فقل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك أرسل إلي بالدينار ودرهمك علي فأرسل به فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( التنيس ) : بكسرتين وتشديد النون وياء ساكنة والسين مهملة جزيرة في بحر مصر قريبة من البر بين الفرما ودمياط والفرما في شرقيها كذا في الغاية . ( الزمعي ) : بفتح الزاي والميم منسوب إلى زمعة ( ختن ) : بفتحتين زوج ابنته ( الجزار ) : القصاب ( فرهن ) : أي دفع علي رضي الله عنه الدينار إلى الجزار وحبسه عنده بعوض درهم لأجل اشتراء اللحم [ ص: 106 ] فاشترى علي اللحم من ذلك القصاب الذي رهن الدينار إليه ووضعه عنده ( فجاء به ) : باللحم ( فعجنت ) : فاطمة رضي الله عنها الدقيق ( ونصبت ) : القدر لطبخ اللحم ( وأرسلت إلى أبيها ) : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلبه لأجل أن يأكل معها ( من شأنه ) : من شأن الطعام كذا وكذا وقصت القصة ( ينشد الله ) : بضم الشين يقال نشدتك الله وبالله أي سألتك به مقسما عليك والمعنى أن الغلام ينشد بالله وبالإسلام ويطلب الدينار ( فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : بإحضار ذلك الغلام .

                                                                      قال المنذري : في إسناده موسى بن يعقوب الزمعي كنيته أبو محمد .

                                                                      قال يحيى بن معين : ثقة وقال ابن عدي : وهو عندي لا بأس به ولا برواياته . وقال عبد الرحمن النسائي : ليس بالقوي . وفي رواية الإمام الشافعي أنه أمره أن يعرفه فلم يعرف فأمره أن يأكله . وذكر البيهقي حديث علي رضي الله عنه من رواية أبي سعيد وسهل بن سعد فيهما أن عليا أنفقه في الحال ولم تمض مدة وقال والأحاديث في اشتراط المدة في التعريف أكثر وأصح إسنادا من هاتين الروايتين ولعله إنما أنفقه قبل مضي مدة التعريف للضرورة وفي حديثهما ما دل عليه والله أعلم هذا آخر كلامه . وقال غيره في حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بتعريفه . قال وفيه إشكال إذ ما صار أحد إلى إسقاط أصل التعريف ولعل تأويله أن التعريف ليس له صيغة تعتد به فمراجعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ملأ من الخلق إعلان به فهذا يؤيد الاكتفاء بالتعريف مرة واحدة انتهى .

                                                                      وقد ذكرنا أن في رواية الإمام الشافعي أنه أمره أن يعرفه . وذكر بعضهم أن القليل في اللقطة مقدر بدينار فما دونه واحتج بحديث علي . وذكر بعضهم أيضا أنه لا يجب تعريف القليل لحديث علي ، انتهى كلام المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية