الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1719 حدثنا يزيد بن خالد بن موهب وأحمد بن صالح قالا حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن بكير عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج قال أحمد قال ابن وهب يعني في لقطة الحاج يتركها حتى يجدها صاحبها قال ابن موهب عن عمرو [ ص: 108 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 108 ] ( نهى عن لقطة الحاج ) : قال في السبل أي من التقاط الرجل ما ضاع للحاج والمراد ما ضاع في مكة لحديث أبي هريرة مرفوعا عند الشيخين ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ولحديث ابن عباس مرفوعا عندهما أيضا بلفظ ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها ، وحمله الجمهور على أنه نهى عن التقاطها للتملك لا للتعريف بها فإنه يحل قالوا وإنما اختصت لقطة الحاج بذلك لإمكان إيصالها إلى أربابها إن كانت لمكي فظاهر وإن كانت لآفاقي فلا يخلو في الغالب من وارد منه إليها فإذ عرفها واجدها في كل عام سهل التوصل إلى معرفة صاحبها . قال ابن بطال : وقال جماعة هي كغيرها من البلاد وإنما تختص مكة بالمبالغة بالتعريف لأن الحاج يرجع إلى بلده وقد لا يعود فاحتاج الملتقط إلى المبالغة في التعريف بها والظاهر القول الأول وأن حديث النهي هذا مقيد بحديث أبي هريرة بأنه لا يحل التقاطها إلا لمنشد فالذي اختصت به لقطة مكة أنها لا تلتقط إلا للتعريف بها أبدا فلا يجوز للتملك ويحتمل أن هذا الحديث في لقطة الحاج مطلقا في مكة وغيرها لأنه هنا مطلق ولا دليل على تقييده بكونها في مكة انتهى كلام السبل .

                                                                      وقال ابن الملك : أراد لقطة حرم مكة أي لا يحل لأحد تملكها بعد التعريف بل يجب على الملتقط أن يحفظها أبدا لمالكها وبه قال الشافعي وعند الحنفية لا فرق بين لقطة الحرم وغيره انتهى ( قال أحمد ) : بن صالح ( قال ابن وهب ) : في تفسير هذا الحديث ( يعني في لقطة الحاج يتركها ) : الواجد ولا يأخذها ( حتى يجدها ) : أي اللقطة ( صاحبها ) : صاحب اللقطة . وقد تعقب على هذا التفسير ابن الهمام من الأئمة الحنفية فقال في فتح القدير شرح الهداية ولا عمل على هذا في هذا الزمان لفشو السرقة بمكة من حوالي الكعبة فضلا عن المتروك انتهى . قال في الغاية وما قاله ابن الهمام حسن جدا ( قال ابن موهب عن عمرو ) : بصيغة العنعنة وأما أحمد بن صالح فقال أنبأنا ابن وهب أخبرني عمرو بصيغة الإخبار .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم [ ص: 109 ] والنسائي وليس فيه كلام ابن وهب وقد قال صلى الله عليه وسلم ولا تحل لقطتها إلا لمنشد ، والصحيح أنه إذا وجد لقطة في الحرم لم يجز له أن يأخذها إلا للحفظ على صاحبها وليعرفها بخلاف لقطة سائر البلاد فإنه يجوز التقاطها للتمليك . ومنهم من قال إن حكم لقطة مكة حكم لقطة سائر البلاد ، انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية