الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب الرجل يحج عن غيره

                                                                      1809 حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس قال كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم وذلك في حجة الوداع

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( امرأة من خثعم ) : بالخاء المعجمة مفتوحة فمثلثة ساكنة فعين مهملة غير منصرف للعلمية ووزن الفعل أو التأنيث لكونه اسم قبيلة معروفة ( فجعل الفضل ينظر إليها ) : وأعجبه حسنها ( وتنظر إليه ) : وكان الفضل رجلا جميلا ( أدركت أبي ) : حال كونه ( شيخا ) : منصوب على الحال وقوله ( كبيرا ) : يصح صفة ولا ينافي اشتراط كون الحال نكرة ; إذ لا يخرجه ذلك عنها ( لا يستطيع أن ) : صفة ثانية ويحتمل الحال ووقع في بعض ألفاظه وإن شددته خشيت عليه ( أفأحج ) : نيابة ( عنه قال نعم ) : أي حجي عنه ( وذلك ) : أي جميع ما ذكر ( في حجة الوداع ) : قال في سبل السلام في الحديث روايات أخر ففي بعضها أن السائل رجل وأنه سأل هل يحج عن أمه فيجوز تعدد القضية . وفي الحديث دليل على أنه يجزئ الحج عن المكلف إذا كان ميئوسا منه القدرة على الحج بنفسه مثل الشيخوخة فإنه ميئوس زوالها وأما إذا كان عدم القدرة لأجل مرض أو جنون يرجى برؤهما فلا يصح . وظاهر الحديث مع الزيادة أنه لا بد في صحة التحجيج عنه من الأمرين عدم ثباته على [ ص: 193 ] الراحلة والخشية عن الضرر عليه من شده فمن لا يضره الشد كالذي يقدر على المحفة لا يجزئه حج الغير عنه . ويؤخذ من الحديث أنه إذا تبرع أحد بالحج عن غيره لزمه الحج عن ذلك الغير وإن كان لا يجب عليه الحج ووجهه أن المرأة لم تبين أن أباها مستطيع بالزاد والراحلة ولم يستفصل صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك ورد هذا بأنه ليس في الحديث إلا الإجزاء لا الوجوب فلم يتعرض له وبأنه يجوز أنها قد عرفت وجوب الحج على أبيها كما يدل له قولها إن فريضة الله على عباده في الحج فإنها عبادة دالة على علمها بشرط دليل الوجوب وهو الاستطاعة . واتفق القائلون بإجزاء الحج عن فريضة الغير بأنه لا يجزئ إلا عن موت أو عدم قدرة عن عجز ونحوه بخلاف النفل فإنه ذهب أحمد وأبو حنيفة إلى جواز النيابة عن الغير فيه مطلقا للتوسيع في النفل وذهب بعضهم إلى أن الحج عن فرض الغير لا يجزئ أحدا وأن هذا الحكم يختص بصاحبة هذه القصة وإن كان الاختصاص خلاف الأصل إلا أنه استدل بزيادة رواية في الحديث بلفظ حجي عنه وليس لأحد بعدك ، ورد بأن هذه الزيادة رويت بإسناد ضعيف . وعن بعضهم أنه يختص بالولد وأجيب عنه بأن القياس عليه دليل شرعي وقد نبه صلى الله عليه وآله وسلم على العلة بقوله في الحديث : " فدين الله أحق بالقضاء فجعله دينا والدين يصح أن يقضيه غير الولد بالاتفاق .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي ، وقد أخرجه أيضا البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عباس عن الفضل بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .




                                                                      الخدمات العلمية