الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2069 حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثني أبي عن الوليد بن كثير حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي أن ابن شهاب حدثه أن علي بن الحسين حدثه أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما لقيه المسور بن مخرمة فقال له هل لك إلي من حاجة تأمرني بها قال فقلت له لا قال هل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه وايم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبدا حتى يبلغ إلى نفسي إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خطب بنت أبي جهل على فاطمة رضي الله عنها فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال إن فاطمة مني وأنا أتخوف أن تفتن في دينها قال ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن قال حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة وعن أيوب عن ابن أبي مليكة بهذا الخبر قال فسكت علي عن ذلك النكاح [ ص: 60 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 60 ] ( أن علي بن الحسين ) : هو زين العابدين ( مقتل الحسين ) : أي في زمان قتله في عاشوراء سنة إحدى وستين ( لقيه المسور بن مخرمة ) بكسر الميم وسكون السين المهملة ومخرمة بفتحها وسكون الخاء المعجمة ولهما صحبة ( فقال له ) : أي قال المسور لزين العابدين ( قال ) : أي زين العابدين ( قال هل أنت معطي ) : بضم الميم وسكون العين وكسر الطاء وتشديد التحتية ( سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : لعل هذا السيف ذو الفقار ، وفي مرآة الزمان أنه - صلى الله عليه وسلم - وهبه لعلي قبل موته ثم انتقل إلى آله وأراد المسور بذلك صيانة سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لئلا يأخذه من لا يعرف قدره . [ ص: 61 ] قال العلامة القسطلاني ( فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه ) : أي يأخذونه منك بالقوة والاستيلاء ( وايم الله ) لفظ قسم ذو لغات وهمزتها وصل وقد تقطع تفتح وتكسر ( لا يخلص ) : بضم حرف المضارعة وفتح اللام مبنيا للمفعول ( إليه ) : أي لا يصل إلى السيف أحد ( حتى يبلغ إلى نفسي ) : وفي رواية البخاري ومسلم حتى تبلغ نفسي أي تقبض روحي ( خطب بنت أبي جهل ) اسمها جويرية تصغير جارية أو جميلة بفتح الجيم ( وأنا يومئذ محتلم ) : أي بالغ ( إن فاطمة مني ) : أي بضعة مني ( وأنا أتخوف أن تفتن في دينها ) : أي بسبب الغيرة وقوله تفتن بضم أوله وفتح ثالثه ( ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس ) : أراد به أبا العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس وكان زوج ابنته زينب قبل البعثة والصهر [ ص: 62 ] يطلق على الزوج وأقاربه وأقارب المرأة وهو مشتق من صهرت الشيء وأصهرته إذا قربته ، والمصاهرة مقاربة بين الأجانب والمتباعدين ( فأحسن ) : أي فأحسن الثناء عليه ( حدثني فصدقني ) : بتخفيف الدال أي في حديثه ( ووعدني ) : أن يرسل إلى زينب أي لما أسر ببدر مع المشركين وفدي وشرط عليه - صلى الله عليه وسلم - أن يرسلها له ( فوفى لي ) : بتخفيف الفاء .

                                                                      وأسر أبو العاص مرة أخرى وأجارته زينب فأسلم وردها إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى نكاحه وولدت له أمامة التي كان يحملها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ( وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما ولكن والله لا تجتمع إلخ ) : فيه إشارة إلى إباحة نكاح بنت أبي جهل لعلي رضي الله عنه ولكن نهى عن الجمع بينها وبين بنته فاطمة رضي الله عنها لأن ذلك يؤذيها وأذاها يؤذيه - صلى الله عليه وسلم - ، وخوف الفتنة عليها بسبب الغيرة ، فيكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنت نبي الله عليه السلام وبنت عدو الله . قاله العلامة القسطلاني .

                                                                      قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه مختصرا ومطولا . ( بهذا الخبر ) : أي بهذا الحديث المذكور ( فسكت علي رضي الله عنه عن ذلك النكاح ) : وفي رواية للبخاري : فترك علي الخطبة وهي بكسر الخاء المعجمة .

                                                                      قال ابن داود فيما ذكره المحب الطبري : حرم الله عز وجل على علي أن ينكح على فاطمة حياتها لقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ذكره القسطلاني .




                                                                      الخدمات العلمية